الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٦٢
وتقدم عمار رحمة الله عليه وقاتل ثم رجع إلى موضعه فاستسقى امرأة من مصافهم من بني شيبان بعس (1) فيه لبن فقال الله أكبر، الله أكبر، اليوم ألقى الأحبة تحت الأسنة، صدق الصادق، وبذلك خبر الناطق، هذا اليوم الذي وعدت به ثم قال: أيها الناس هل من رايح إلى الله تحت العوالي، فتقدم وهو يقول:
نحن ضربناكم على تنزيله * فاليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله (2).
فاشتبكت عليه الأسنة، وقتله أبو العادية العاملي وابن حوى السكسكي، واختلفا في سلبه، وارتفعا إلى عبيد الله بن عمرو بن العاص فقال: قوموا عني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أولعت قريش بعمار، مالهم ولعمار؟! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، عمار جلدة بين عيني، تقتله الفئة الباغية، لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة (3).
وخرج هاشم المرقال، وحمل ذو الكلاع، ومع هاشم جماعة من أسلم قد آلوا أن لا يرجعوا أو يفتحوا، أو يقتلوا واجتلد الناس، وقتل هاشم وذو الكلاع جميعا، فتناول ابن المرقال اللواء وحمل وهو يقول:
يا هاشم بن عتبة بن مالك * أعزز بشيخ من قريش هالك تخبطه الخيلات بالسنابك * أبشر بحور العين في الأرائك والروح والريحان عند ذلك (4) فوقف أمير المؤمنين (عليه السلام) على مصرع هاشم ومن صرع حوله فقال:
جزى الله خيرا عصبة أسلمية * صباح الوجوه صرعوا حول هاشم يزيد وعبد الله بشر بن معبد * وسفيان وابنا هاشم ذي المكارم

(١) العس: القدح الضخم (لسان العرب ٦ / ١٤٠).
(٢) وقعة صفين: ص ٣٤١.
(٣) وقعة صفين: ص ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٤) وقعة صفين: ص 348 مع زيادة في رواية الشعر.
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»