وخرج علي (عليه السلام) في البدريين وعيناه كأنهما سراجا سليط، وعليه عمامة بيضاء، وجعل يطوف على الناس ويحضهم حتى انتهى إلى الأشتر وهو في كثيف من الناس فقال: معاشر الناس عموا الأصوات وأكملوا اللامة (1)، واستشعروا الخشية، وأقلقوا السيوف في الأجفان قبل السل، والحظوا الشزر، واطعنوا الوخز، وناجوا بالظبا (2)، وصلوا السيوف بالخطى، والنبال بالرمي، وطيبوا نفسا فإنكم بعين الله ومع ابن عم نبيه، وعاودوا الكر، واستقبحوا الفر فإنه عار في الأعقاب ونار يوم الحساب، ودونكم هذا السواد الأعظم والرواق المطنب (3) فاضربوا نفحه (4) فأن الشيطان قد ركب صعداء وبسط ذراعيه وقدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا فصمدا صمدا حتى يتجلى عن الحق، وأنتم الأعلون، والله معكم.
وخرج معاوية في عدد من أهل الشام، وانصرفوا عند المساء، وكل غير ظافر.
ثم خرج علي (عليه السلام) ومعاوية يوم الخميس واقتتل القوم إلى الضحى، وبرز أمام الناس عبيد الله بن عمر بن الخطاب في أربعة آلاف معلمين، فناداه علي (عليه السلام):
ويحك يا بن عمر علام تقاتلني؟ قال: أطلب بدم عثمان. فقال علي (عليه السلام): تطلب بدم عثمان والله تطلب بدم الهرمزان.
ثم إن عليا (عليه السلام) أمر الأشتر بالخروج، فخرج وهو يقول:
إني أنا الأشتر معروف السير * إني أنا الأفعى العراقي الذكر لست من الحي ربيع أو مضر * لكنني من مذحج البيض الغرر فانصرف عبيد الله ولم يبارزه.
وقال عمار: إني لأرى وجوه قوم لا يزالون يضاربوننا، والله لو هزمونا حتى يبلغونا سعفات هجر لكنا على الحق (5).