الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٧١
وكان جملة من قتل من أصحاب علي (عليه السلام) تسعة، ولم يفلت من الخوارج إلا عشرة.
وأمر علي (عليه السلام) بطلب المخدج، فطلبوه فلم يجدوا عليه. فقام علي (عليه السلام) فانتهى إلى قتلى بعضهم على بعض فقال: اخرجوا، فاخرجوا يمينا وشمالا فاستخرجوه من تحتهم، فقال علي (عليه السلام): والله ما كذبت على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه لناقص اليد ليس فيها عظم، طرفها حلمة مثل ثدي المرأة، عليها خمس شعرات أو سبع رؤوسها معقفة. ثم قال: ائتوني به، فأتوه به، فنظر إلى عضده فإذا لحمة مجتمع على كتفيه مثل ثدي المرأة عليها شعرات سود إذا مدت امتدت حتى تحاذي بطن يده الأخرى ثم تترك فتعود إلى منكبه. فثنى (صلى الله عليه وآله) (1) رحله ونزل، فخر ساجدا، ثم ركب ومر بهم وهم صرعى فقال: لقد صرعكم من غركم. قالوا: يا أمير المؤمنين من غرهم؟ فقال: الشيطان وأنفس السوء. فقيل: قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر.
فقال: كلا والذي نفس علي بيده أنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء لا تخرج خارجة إلا خرج بعدها مثلها حتى يخرج خارجة بين الفرات ودجلة مع رجل يقال له الأشمط - يخرج إليه رجل منا أهل البيت فيقتلهم، فلا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة.
وجمع (عليه السلام) ما كان في عسكر الخوارج، فقسم السلاح والدواب بين المسلمين، ورد المتاع والعبيد والإماء على أهلها. وخطب الناس فقال: إن الله قد أحسن إليكم وأعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم. فقالوا: يا أمير المؤمنين قد كلت سيوفنا، ونفذت نبالنا، ونصلت أسنة رماحنا، فدعنا نستعد عدتنا. وكان الذي كلمه بهذا الأشعث بن قيس.
فعسكر علي (عليه السلام) بالنخيلة، فجعل أصحابه يتسللون ويلحقون بأوطانهم، فلم يبق منهم إلا نفر يسير. ومضى الحارث بن راشد التاجي في ثلاثمائة من الناس

(1) كذا في الأصل.
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»