الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٢٨
لقد كرمك الله وفضلك علينا، فما ينقضي يوم إلا وأنت تزدادين فيه بهاء وجمالا.
ثم خرجن من الحجر وهي في وسطهن تزف، وانصرفن عنها وهن يتحدثن بحديثها.
فلما استكملت شهورها وقربت ولادتها، خفقت فرأت كأن قنديلا نزل من السماء فوقع قبالها، ثم قال: يا فاطمة لقد طبت وطاب ولدك، وعظم رشدك. ثم استيقظت فخبرت أبا طالب بذلك فسر بما نبأته به، وقال: يا فاطمة جاءك والله الناموس الأكبر، وأخدود الجوهر.
فلما كان من الغد وضعته صلى الله عليه طاهرا نظيفا رافعا طرفه إلى السماء يومي بسبابته ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه المبعوث بالحق. فتعجبت النساء منه وقلن ما رأينا مثل هذا المولود ولا سمعنا بمثله، إلا ما كان قبله من ابن عمه، يعنين محمدا (صلى الله عليه وآله)، وخبرت بذلك أبا طالب فقال: صدق راهب الجحفة ولقيله ما صدق عبد المطلب حيث قال: منا نظير موسى وهارون، بل اللذان منا أكرم منهما.
وأقبل الزبير بن عبد المطلب يوما إلى الكعبة فقال: يا معشر قريش علن الخفاء، وباح السرار رأيت الليلة في المنام أخي عبد مناف قائما على الصفا قد البس إكليلا، وإذا ولدا له كالشهاب المتوقد وصارخ من الطريق يقول: إن الله جل وعز أطلع برأفته إلى العرب فاصطفى منها محمدا (صلى الله عليه وآله) على الرسل والأنبياء رسولا نبيا، واختار له من أهله حبيبا وصفيا ووصيا، فبينا أنا لذلك جذل إذ رأيت محمدا (صلى الله عليه وآله) والملك الذي يعرف بجبرائيل يعانقه على رفرف أخضر يختطف نورهما البصر تحفهما جيش لهما وولد أبي طالب يؤم ذلك الجيش ويقدمه، فاخترعت في النوم فانتبهت وأنا حافظها.
ثم قال:
رأيت في النوم أخا جميلا * عبد مناف لابسا إكليلا فوق الصفا يكثر التهليلا * وابنا له مهذبا بهلولا يقود جيشا هيضما نبيلا * امام من أكرم به وسيلا
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»