الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٣٢
إحداهما بيضاء والأخرى سوداء، وهما يدفعان عنه الأذى، فلما بصرتا بأبي طالب غربتا في الكهف.
ودخل أبو طالب إليه وقال: السلام عليك يا ولي الله ورحمة الله وبركاته.
فأحيى الله جلت عظمته بقدرته المثرم. فقام قائما يمسح وجهه ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله وأن عليا ولي الله والإمام بعد نبي الله.
فقال أبو طالب: أبشر فإن عليا قد طلع إلى الأرض.
قال له المثرم: فما كان علامة الليلة التي طلع فيها؟
قال أبو طالب: لما مضى من الليل الثلث أخذ فاطمة ما يأخذ النساء عند الولادة، فقلت لها: ما لك يا سيدة النساء؟ قالت: إني أجد وهجا، فقرأت عليه الاسم الذي فيه النجاة، فسكنت. فقلت لها أني أنهض فآتيك بنسوة من صواحباتك يعنك على أمرك في هذه الليلة. فقالت: رأيك يا أبا طالب.
فلما قمت لذلك فإذا أنا بهاتف قد هتف بي من زاوية البيت وهو يقول: أمسك أبا طالب فأن ولي الله لا تمسه يد نجسة، فإذا أنا بأربع نسوة قد دخلن عليها، عليهن ثياب بيض كهيئة الحرير الأبيض، وإذا رائحتهن أطيب من المسك الأذفر، فقلن لها: السلام عليك يا ولية الله، فأجابتهن، ثم جلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة، فآنسنها حتى ولد علي. فلما ولد انتهيت إليه فإذا هو كالشمس الطالعة قد سجد على الأرض وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أني علي وصي محمد رسول الله، بمحمد يختم الله النبوة وبي تتم الوصية، وأنا أمير المؤمنين. فتقدمت إليه امرأة من تلك النسوة فأخذته من الأرض فوضعته في حجرها، فلما نظر علي في وجهها ناداها بلسان طلق ذلق:
السلام عليك يا أماه.
فقالت: وعليك السلام يا بني.
فقال لها: ما خبر والدي؟
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»