الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٢٣٣
فقالت: في نعم الله يتقلب، وفي جنته يتنعم. فلما سمعت ذلك لم أتمالك أن قلت: يا بني ألست بأبيك؟
قال: بلى ولكني وإياك من صلب آدم (عليه السلام)، هذه أمي حواء: فلما سمعت ذلك غطيت رأسي بردائي وألقيت نفسي في زاوية البيت حياء منها. ثم دنت أخرى ومعها الجونة فأخذت عليا، فلما نظر في وجهها قال: السلام عليك يا أختي.
قالت: وعليك السلام يا أخي.
ثم قال لها: ما خبر عمي؟
قالت: خير، وهو يقرأ عليك السلام.
فقلت: يا بني أي أخت هذه؟ وأي عم هذا؟
قال: هذه مريم بنت عمران، وعمي عيسى بن مريم، فضمخته بطيب كان في الجونة. فأخذته أخرى منهن فأدرجته في ثوب كان معها.
قال أبو طالب: فقلت: لو طهرناه كان أخف عليه، وذلك أن العرب كانت تطهر أولادها.
فقلن: يا أبا طالب فإنه ولد طاهر مطهر لا يذيقه الله حر الحديد في الدنيا إلا على يد رجل يبغضه الله ورسوله وملائكته والسماوات والأرض والجبال والبحار وتشتاق إليه النار.
فقلت: من هذا الرجل؟
فقلن: هو ابن ملجم المرادي لعنه الله، وهو قاتله بالكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد.
قال أبو طالب: ثم غابت النسوة فلم أرهن، فقلت في نفسي: لو عرفت المرأتين الأخريين، فألهم الله عليا فقال: يا أبي أما المرأة الأولى فكانت حواء أمي، وأما التي احتضنتني فهي مريم بنت عمران التي أحصنت فرجها، وأما التي أدرجتني في الثوب فهي آسية، وأما صاحبة الجونة فهي أم موسى بن عمران، فالحق بالمثرم الآن وبشره وخبره بما رأيت، فإنه في كهف كذا في موضع كذا حتى
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»