أيوعدنا هبلت أمه * لقد جن عتبة أو قد كذب لنا البيت عالي على كل بيت * فهل مثله في جميع العرب أتشتمنا خاليا لاهيا * فأولى فأولى فأعتب عتب وأسلمت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها وهاجرت وبايعت، وماتت بالمدينة.
حدث أحمد بن حماد، عن نوح بن صلاح، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك، قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجلس عند رأسها وقال: رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة. وغمضها، ثم أمر أن تغسل بالماء ثلاثا، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده، ثم خلع قميصه فألبسه إياها، وكفنت، ودعا لها أسامة بن زيد مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود فحفروا قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وأخرج ترابه، ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبرها فاضطجع فيه ثم قال: الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد بن هاشم، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء من قبلي فإنك أرحم الراحمين. فأدخلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) اللحد والعباس وأبو بكر (1).
وقال جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه): لما توفيت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها غمضها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلع قميصا له فقال: اجعلوه شعارها دون كفنها، ثم صلى عليها فرأيناه قد احمر وجهه، فقلت: يا رسول الله نفديك بآبائنا وأمهاتنا رأيناك قد احمر وجهك. قال: نعم لازدحام الملائكة على جنازتها، ولقد صليت بهم فما رأيت طرفهم، ثم نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قبرها وخلع ثيابه وتمرغ فيه وقال: اللهم اجعله عليها روضة من رياض الجنة. ثم وضعها في لحدها ولقنها،