فلما استقر بهم المجلس ابتدأ أبو طالب خطيبا وقال: الحمد لله رب البيت العظيم، والمقام الكريم، والمشعر والحطيم، الذي اصطفانا أعلاما، وسدنة، وعربا خلصا، وحجبة، وبهاليل أطهارا من الخناء والريب، والأذى والعيب، وأقام لنا المشاعر، وفضلنا على العشائر، نجية آل إبراهيم، وصفوة زرع إسماعيل.
ثم قال: معاشر قريش إنني ممن طاب محتده (1)، وطهر مقعده، وعرف مولده، وعزت جرثومته، وطابت أرومته وذؤابة الذوائب، وسيد الأعارب، وقد تزوجت فاطمة بنت أسد، وسقت إليها المهر، وثبت الأمر، فيلوه (2) واشهدوا.
فقال أسد بن هاشم بن عبد مناف: أنت أبا طالب بحيث المنصب الذي ذكرت، والفضل الذي وصفت، وقد زوجناك ورضيناك.
ثم زفت إليه، فما مضت أيام حتى اشتملت منه على حمل، فجعل أبو طالب يتأمل الصفة ويطلب العلامة فلم يجدها، فوضعت بغلام فسماه طالبا.
ثم بقي على ذلك عشر سنين فاشتملت منه على حمل فتأمل أبو طالب العلامة فلم يجدها، وتأمل الصفة فلم يرها، فوضعت غلاما سماه عقيلا.
ثم مضى على ذلك عشر سنين، فاشتملت منه على حمل، فتأمل أبو طالب العلامة فلم يجدها، فوضعت غلاما سماه جعفرا.
ثم مضى على ذلك عشر سنين، فاشتملت على حمل، فتأمل أبو طالب العلامة فوجدها، والصفة فرآها، فوضعت عليا (عليه السلام). وكان بين مولد طالب بن أبي طالب ومولد أمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة.
وكانت فاطمة بنت أسد (عليها السلام) لما تبين حملها بأمير المؤمنين تزداد حسنا وجمالا وبهاء، وكانت الهاشميات يتعجبن من حسنها وما تلبسها من البهاء والجمال، إلى أن شغفن بها وعظم الثناء بحسنها، وأنها خرجت ذات يوم في نساء أهلها وولائد عبد المطلب حتى وافت الحجر، وبسط لها تكاء، وأحدق النساء بها، فتجللها بهاء راق العيون، ووجت منه القلوب، وقالت النساء: هنيئا لك ما حييت،