الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ١٦٣
الفهري، فلبسوا للقتال ثم خرجوا على خيلهم حتى مروا بمنازل بني كنانة، فقالوا:
تهيؤا يا بني كنانة للحرب ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق، فلما تأملوه قالوا: والله إن هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها، ثم تيمموا مكانا من الخندق فيه ضيق فضربوا خيلهم فاقتحمته، وجاءت بهم في السبخة بين الخندق وسلع (1).
وخرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا على الثغرة التي اقتحموها.
فتقدم عمرو بن عبد ود الجماعة الذين خرجوا معه، وقد أعلم ليرى مكانه.
فلما رأى المسلمين وقف هو والخيل التي معه وقال: هل من مبارز؟ فبرز إليه أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقال له عمرو بن عبد ود: ارجع يا ابن أخي فما أحب أن أقتلك.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): قد كنت عاهدت الله يا عمرو أن لا يدعوك أحد من قريش إلى إحدى خصلتين إلا اخترتها منه.
قال: أجل فما ذاك؟
قال (عليه السلام): فإني أدعوك إلى الله ورسوله والإسلام.
قال: لا حاجة لي في ذلك.
قال: فإني أدعوك إلى النزال.
فقال: ارجع فقد كان بيني وبين أبيك خلة (2) وما أحب أن أقتلك.
فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): لكني والله أحب أن أقتلك ما دمت أبيا للحق.
فحمى عمرو من ذلك وقال: أتقتلني، ونزل عن فرسه فعقره وضرب وجهه حتى نفر، وأقبل على علي (عليه السلام) مصلتا سيفه، وبدره بالسيف فنشب سيفه في ترس علي (عليه السلام)، وضربه علي (عليه السلام) فقتله.

(١) سلع: موضع بقرب المدينة، وقيل: جبل بالمدينة (لسان العرب ٨ / ١٦١).
(٢) الخلة: الصداقة المختصة التي ليس فيها خلل (لسان العرب ١١ / 216).
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»