جليسك عنك نافرا والمحمول عليه فوق طاقته مجانبا لك، فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك ولا أخ لك يعضدك، فإذا بقيت وحيدا كنت مخذولا وصرت ذليلا، ولا تعتذر إلى من لا يحب ان يقبل منك عذرا ولا يرى لك حقا، ولا تستعن في أمورك الا بمن يحب (1) ان يتخذ في قضاء حاجتك اجرا، فإنه إذا كان كذلك طلب قضاء حاجتك لك كطلبه لنفسه، لأنه بعد نجاحها لك كان ربحا في الدنيا الفانية وحظا وذخرا له في الدار الباقية فيجتهد في قضائها لك، وليكن إخوانك وأصحابك الذين تستخلصهم وتستعين بهم على أمورك أهل المروة والكفاف والثروة، والعقل والعفاف الذين ان نفعتهم شكروك، وان غبت عن جيرتهم ذكروك (2).
فصل - 4 - 244 - وبالاسناد المتقدم عن الصادق عليه السلام قال: قال لقمان لابنه: ان تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ومن عنى بالأدب اهتم، ومن اهتم به تكلف علمه، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه، ومن اشتد له طلبه أدرك به منفعه فاتخذه عاده. وإياك والكسل منه و الطلب بغيره، وان غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة، وانه ان فاتك طلب العلم فإنك لن تجد تضييعا أشد من تركه، يا بنى استصلح الاهلين والإخوان من أهل العلم ان استقاموا لك على الوفاء، واحذرهم عند انصراف الحال بهم عنك، فان عداوتهم أشد مضرة من عداوة الأباعد بتصديق (3) الناس إياهم لاطلاعهم عليك.
وإذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم، وأكثر التبسم في وجوههم، فإذا دعوك فأجبهم، فإذا استعانوك فأعنهم، وأغلبهم بطول الصمت وكثرة البر والصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رايتهم يعملون فاعمل معهم، واسمع ممن هو أكبر منك سنا وان تحيرتم في طريقكم فانزلوا، وان شككتم في القصد فقفوا وتآمروا، إذا قربت من المنزل فأنزل عن دابتك، ثم ابدا بعلفها