عك وحمل محمد ابن الحنفية والعباس بن ربيعة الهاشمي وعبد الله بن جعفر وارتفع الغبار وثار القتام (1)، وجرت الدماء واختلط القوم ولم يعرف أحد صاحبه واشتد البلاء وقتل الأشتر من عك خلقا " كثيرا "، وفقد أهل العراق أمير المؤمنين عليه السلام وساءت الظنون وقالوا: لعله قتل، فعلا البكاء والنحيب، ونهاهم الحسن من ذلك وقال: ان علمت الأعداء ذلك منكم، اجترؤا عليكم وان أمير المؤمنين عليه السلام أخبرني بأن قتله يكون بالكوفة، وكانوا على ذلك إذ أتاهم شيخ يبكى وقال: قتل أمير المؤمنين عليه السلام وقد رأيته صريعا " بين القتلى، فكثر البكاء والانتحاب، فقال الحسن: يا قوم هذا الشيخ يكذب فلا تصدقوه وإن أمير المؤمنين عليه السلام قال: يقتلني رجل من مراد في كوفتكم هذه.
وروى أنه حكى للرشيد: ان الابطال بصفين جثوا على الركب وكسفت الشمس، وثار القتام واظلمت الدنيا، وضلت الألوية وفقدت الرايات ومرت مواقيت الصلاة لا يسجد فيها إلا تكبيرا " ولا يسمع إلا وقع الحديد على الهام، حتى تكادموا بالأفواه ونادى القوم في تلك الغمرات:
يا معاشر العرب، الله الله في الحرمات من النساء والبنات فغشي على الرشيد حتى رش عليه الماء، فأفاق وقد اصفر لونه ودموعه تنحدر على لحيته، وكان الأشتر يطلب أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك اليوم راية راية، وقال لغلامه هاشم: أنظر هل رجع إلى موقفه وأنا أطلبه في العسكر، فان بشرتني برجوعه فلك كذا وكذا، وكان علي عليه السلام حينئذ مع سعيد بن قيس الهمداني وهمدان فوارسه الخواص فوجده الأشتر عنده فرآه علي عليه السلام متغيرا " عن ؟؟ باكيا "، فقال له: ما خبرك؟ أفقدت ابنك إبراهيم، أم ما أصابك غير ذلك؟