معاوية لعنه الله: اما بعد فان لله عبادا " آمنوا بالتنزيل وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وأنتم في ذلك الزمان أعداء الرسول تكذبون بالكتاب وتجتمعون على حرب المسلمين من ثقفتم منهم، عذبتموه أو قتلتموه حتى اذن الله تعالى باعزاز دينه واظهار نبيه صلى الله عليه وآله وادخل العرب في دينه أفواجا " وأسلمت له هذه الأمة طوعا " وكرها "، فكنتم ممن دخل في هذا الدين اما رغبة واما رهبة، حتى فاز أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم، فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم ان ينازعوهم في الامر الذين هم أهله وأولياؤه فيجور ويظلم ولا ينبغي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن يجهل قدره ويعدو طوره ولا يشقي نفسه بالتماس ما ليس له ولا هو أهله وان أولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا أقربهم من الرسول وأعلمهم بالكتاب والتأويل وأفقههم في الدين وأولهم اسلاما " وأفضلهم اجتهادا فاتقوا الله الذي إليه ترجعون، ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا الحق وأنتم تعلمون (1)، واعلموا ان خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون وشر عباد الله الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم. ألا وانى أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وحقن دماء هذه الأمة، فان قبلتم أصبتم وهديتم، وان أبيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الأمة لم تزدادوا من الله إلا بعدا " ولم يزداد الله عليكم الا سخطا " (2).
فلما وصل الكتاب إلى معاوية قام إليه أبو مسلم الخولاني فقال: صدق علي، فعلام نقاتله؟ فوالله، انه لأحق بالأمر منك قال: أجل ولكنه أطالبه بدم عثمان، قال فاكتب إليه بحجتك حتى أحمل كتابك وآتيه فان أقر بدمه، سألته الحجة وان أنكر، نظرنا في أمرنا قال نعم فكتب [معاوية] إلى علي عليه السلام.