فرآه معاوية فركب فرسه ومر هاربا.
فقال معاوية ثم ذكرت قول قيس بن الحطيم فنزلت وقلت لأصحابي ما يمنعني من الانهزام إلا قول قيس حيث يقول:
أبت لي أسرتي وأبى بلائي * وأخذي الحمد بالثمن الربيح واعطائي على العلات مالي * وضربي هامة البطل المشيح وقولي كلما جشأت وجاشت * مكانك تحمدي أو تستريحي لأدفع (1) عن مآثر صالحات * وأحمى بعد عن عرض صحيح ألا من مبلغ الاحلاف عنى * وقد تهدى النصيحة للنصيح (2) واشتد القتال وحمل الرؤساء على الرؤساء واضطرب الناس ولم يسمع إلا وقع الحديد على الحديد والهام.
قال رضي الله عنه وروى أن في اليوم الخامس والثلاثين، اجتمع أهل العراق عند خيمة أمير المؤمنين علي عليه السلام ينتظرون خروجه، فخرج وركب فرسه البحر وعليه درع رسول الله صلى الله عليه وآله، متقلدا " سيفه، متختما " بخاتمه، متعمما بعمامته السحاب وخرج إلى المعركة ولم يكلم أحدا "، وكان معاوية سبق عليا " عليه السلام إلى المعركة فقال له عمرو بن قيس بن عامر العكي - وهو رئيس عك - اما عك فلا تخرج من قولي ولكن مر القواد والرؤساء وفرسان الشام فليحملوا بحملتي فإنهم ان فعلوا ذلك هزمت أهل العراق وأرحتك مما أنت فيه، وكانت عك أشجع أهل الشام وأصبرهم على القتال وأشدهم على أهل العراق وكانوا يلزمون الأرض ويشدون أنفسهم، بعضهم ببعض وربيعة وهمدان ومذحج أشجع أهل العراق وأصبرهم على حر القتال وأطوعهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأشدهم على معاوية وقومه، وقد لقي هو وقومه منهم كل بلاء ثم حمل رئيس