آكلة الأكباد يسوقهم إلى النار والشقاء ونحن نرجو الثواب وهم ينتظرون العقاب فإذا حمى الوطيس وجبن الرئيس وثار القتال وطال العتاب والملام والتقت حلقتا البطلان وتقصف المران (1) وجالت الخيل بالابطال وبلغت النفوس الآجال فلا استمع الا غماغم الفرسان وهماهم الشجعان كان الله ولينا، وعلي امامنا والنصر لواؤنا، أيها الناس، غضوا الابصار وعضوا على النواجذ والأضراس فإنها أشد لشؤون الرأس واستقبلوا القوم بهامكم وخذوا قوائم سيوفكم بأيمانكم، واطعنوا الشرسوف (2) الأيسر فإنه مقتل وشدوا شدة قوم موتورين بدينهم ودماء إخوانهم حنقين (3) على عدوهم قد وطنوا على الموت أنفسهم لئلا تسبقوا بثار ولا تلحقوا في الآخرة، بنار، واعلموا ان الفرار من الزحف مسبة، وفيه الخزي والمذمة إلى يوم القيامة والوقوف محمدة والحمد أفضل من الذم، أعاننا الله وإياكم على طاعته واتباع مرضاته ونصر أوليائه وقهر أعدائه أنه خير معين.
قال رضي الله عنه: ثم لما أنهزم أبو الأعور وأصحابه ونزلت مقدمة علي رضي الله عنه على مشرعة الفرات أخبر الأشعث عليا رضي الله عنه بذلك فنهض مع عسكره ونزل عند مقدمته، ثم قال معاوية لعمرو: ما ظنك بعلي أيمنعنا الماء؟
قال: إنه لا يستحل منك ما استحللته منه، وقال له معاوية قولا أغضبه فأنشأ عمرو يقول:
أمرتك أمرا " فسخفته * وخالفني ابن أبي سرحه (4) فكيف رأيت كباش العراق * ألم ينطحوا جمعنا نطحه أظن لها اليوم ما بعدها * وميعاد ما بيننا صبحه