فضرب القوم فلم يلبثوا له بل انكشفوا عنه حتى رجعوا إلى عسكر معاوية وضرب عبد الله بن بديل الخزاعي وهو من فرسان علي عليه السلام المشهورين المذكورين بسيفه في ذلك اليوم حتى قتل أحد عشر رجلا " وخرج من أهل الشام جماعة وكان يمسح سيفه على عرف فرسه وهو يقول:
لا تحبطن يا إلهي أجرى * وعجلن يا رب لابن صخر نار لظى لا يشترك في أمري * إن ينج منى ينقصم من ظهري ويا لها من غصة في صدري " قال رضي الله عنه ": يقال كسفت الشمس وكسفها الله تعالى، وكسف البعير، وكرسفه: عرقبه، والأوابد، بقر الوحش، جمع أبدة وأبدت الدواب وتأبدت: توحشت وهي أوابد ومتأبدات وفرس قيد الأوابد وتأبد المنزل: سكنته الأوابد وتأبد فلان: توحش وقولهم فلان مولع بأوابد الكلام وأوابد الشعر وهي غرائبه التي لا تشاكل جودة قال الفرزدق:
لن تدركوا كرمي بلوم أبيكم * وأوابدي يتخيل الاشعار ودعا معاوية الأحمر في هذا اليوم مولى أبي سفيان وكان شجاعا " بطلا " وحثه على قتل الأشتر أو عبد الله بن بديل، فقال الأحمر،: إن عليا " لا يقتله غيري، فقال معاوية: مهلا " يا أحمر، لا تبارز عليا ". وبرز الأحمر ونادى: أين ابن أبي طالب؟ فصاح عليه صعصعة بن صوحان وقال: لعن الله ابن آكلة الأكباد، حيث أمرك بمناجزة خير العباد، فقال الأحمر: انما تقولون هذا جبنا، فبرز إليه شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له الأحمر:
من أنت فانى لا أقاتل إلا أشجعكم، فعرفه شقران نفسه فحمل عليه الأحمر فضربه فقتله وثبت مكانه وقال: ليبرز إلي على لينظر حملتي وضربتي فصاح عليه القوم وقالوا: تنح أيها الكلب فما أنت بكفو علي أمير المؤمنين، فقال الأحمر: والله لا انصرف إلا مع رأس علي أو أموت دونه، فبرز إليه أمير المؤمنين وحمل عليه فاخذ بعضده وجذبه ثم رمى به من يده على الأرض