فكيف وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله البدريون والمهاجرون والأنصار وأبناؤهم، وفيهم ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وأخوه وصاحب سره وحبيبه وختنه، أفلا تتقى الله يا معاوية، أما والله لو سبقوكم إلى الماء لسقوكم منه، وهذا والله أول الجور وكان هذا الرجل صديقا لعمرو بن العاص، فأغلظ له معاوية وقال لعمرو: اكفني صديقك فاتاه عمرو فاغلظ له، فقال الرجل:
لعمر أبى معاوية بن حرب * وعمرو ما لدائهما دواء سوى طعن يحار العقل منه * وضرب حين تختلط الدماء فلست بتابع دين ابن هند * طوال الدهر ما أوفى حراء فقد ذهب العتاب فلا عتاب * وقد ذهب الولاء فلا ولاء وقولي في حوادث كل أمر * على عمرو وصاحبه العفاء أتحمون الفرات على أناس * وفي أيديهم الأسل الظماء وفي الأعناق أسياف حداد * كأن القوم عندكم نساء ألا لله درك يا بن هند * لقد ذهب الحياء فلا حياء أترجوا أن يجاوركم علي * بلا ماء وللأحزاب ماء دعاهم دعوة فأجاب قوم * كجرب الإبل خالطها الهناء ثم سرى في سواد الليل فلحق بعلي عليه السلام، ثم انصرف رسل علي إلى علي عليه السلام وأخبروه بما قال معاوية.
فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين قربة من ماء تباع بثلاثة دراهم، فأذن لنا في الحرب فارمضه ذلك وخرج ليلا فسمع النجاشي يقول:
أيمنعنا القوم ماء الفرات * وفينا السيوف وفينا الحجف (1) وفينا علي له صولة * إذا خوفوه الردى لم يخف