الجهة المخالفة لهذه الجنبة على ذلك، ولم لم يفعلوا بعض ما ذكرناه بمن يعتقدون إمامته وفرض طاعته وهو في الدين موافق لهم، مساعد غير مخالف معاند.
ألا ترى أن ملوك بني أمية وخلفاء بني العباس - مع كثرة شيعتهم وكونهم أضعاف اضعاف شيعة أئمتنا، وكون الدنيا أو أكثرها لهم وفي أيديهم، وما حصل لهم من تعظيم الجمهور في حياتهم، والسلطنة على العالمين، والخطبة فوق المنابر في شرق الأرض وغربها لهم بإمرة المؤمنين - لم يلم أحد من شيعتهم وأوليائهم - فضلا عن أعدائهم - بقبورهم بعد وفاتهم، ولا قصد أحد تربة لهم متقربا بذلك إلى ربه، ولا نشط لزيارتهم، وهذا لطف من الله سبحانه لخلقه في الايضاح عن حقوق أئمتنا عليهم السلام، ودلالة منه على علو منزلتهم منه جل اسمه، لا سيما ودواعي الدنيا ورغباتها معدومة عند هذه الطائفة مفقودة، وعند أولئك موجودة، فمن المحال أن يكونوا فعلوا ذلك لداع من دواع الدنيا، ولا يمكن أيضا أن يكونوا فعلوه لتقية، فإن التقية هي فيهم لا منهم، ولا خوف من جهتهم بل هو عليهم، فلم يبق إلا داعي الدين.
وهذا هو الامر العجيب الذي لا تنفذ فيه إلا قدرة القادر، وقهر (1) القاهر الذي يذلل الصعاب، ويسبب الأسباب، ليوقظ به الغافلين، ويقطع عذر المتجاهلين.
وأيضا فقد شارك أئمتنا عليهم السلام غيرهم من أولاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حسبهم ونسبهم وقرابتهم، وكان لكثير منهم عبادات ظاهرة، وزهد وعلم، ولم يحصل من الاجماع على تعظيمهم وزيارة قبورهم ما وجدناه قد حصل فيهم عليهم السلام، فإن من عداهم من صلحاء العترة