فقد علم كل محصل نظر في الاخبار أن هشام بن الحكم، وأبا بصير، وزرارة بن أبي أعين، وحمران وبكير ابني أعين، ومحمد بن النعمان الذي يلقبه العامة شيطان الطاق، وبريد بن معاوية العجلي، وأبان بن تغلب، ومحمد ابن مسلم الثقفي، ومعاوية بن عمار الدهني، وغير هؤلاء ممن بلغوا الجمع الكثير، والجم الغفير، من أهل العراق والحجاز وخراسان وفارس، كانوا في وقت الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام رؤساء الشيعة في الفقه ورواية الحديث والكلام، وقد صنفوا الكتب، وجمعوا المسائل والروايات، وأضافوا أكثر ما اعتمدوه من الرواية إليه، والباقي إليه وإلى أبيه محمد عليهما السلام، وكان لكل إنسان منهم أتباع وتلامذة في المعنى الذي يتفرد به، وإنهم كانوا يرحلون من العراق إلى الحجاز في كل عام أو أكثر أو أقل، ثم يرجعون ويحكون عنه الأقوال، ويسندون إليه الدلالات، وكانت حالهم في وقت الكاظم والرضا عليهما السلام على هذه الصفة، وكذلك إلى وفاة أبي محمد العسكري عليه السلام، وحصل العلم باختصاص هؤلاء بأئمتنا عليهم السلام، كما نعلم اختصاص أبي يوسف ومحمد بن الحسن بابي حنيفة، وكما نعلم اختصاص المزني والربيع بالشافعي، واختصاص النظام بابي الهذيل، والجاحظ والأسواري بالنظام.
ولا فرق بين من دفع الامامية عمن ذكرناه، ومن دفع من سميناه عمن وصفناه في الجهل بالاخبار، والعناد والانكار.
وإذا كان الامر على ما ذكرناه لم تخل الامامية في شهادتها بإمامة هؤلاء عليهم السلام من أحد أمرين: إما أن تكون محقة في ذلك صادقة، أو مبطلة في شهادتها كاذبة. فإن كانت محقة صادقة في نقل النص عنهم على خلفائهم عليهم السلام، مصيبة فيما اعتقدته فيهم من العصمة والكمال، فقد ثبتت إمامتهم على ما قلناه، وإن كانت كاذبة في شهادتها، مبطلة في