عقيدتها، فلن يكون كذلك إلا ومن سميناهم من أئمة الهدى عليهم السلام ضالون برضاهم بذلك، فاسقون بترك النكير عليهم، مستحقون البراءة من حيث تولوا الكذابين، مضلون للأمة لتقريبهم إياهم، واختصاصهم بهم من بين الفرق كلها، ظالمون في أخذ الزكوات والأخماس عنهم، وهذا ما لا يطلقه مسلم فيمن نقول بإمامته، وإذا كان الاجماع المقدم ذكره حاصلا على طهارتهم وعدالتهم، ووجوب ولايتهم، ثبتت إمامتهم بتصديقهم لمن أثبت ذلك، وبما ذكرناه من اختصاصهم بهم، وهذا واضح، والمنة لله.
دلالة أخرى: ومما يدل أيضا على إمامتهم عليهم السلام وأنهم أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما نجده من تسخير الله تعالى الولي لهم في التعظيم لمنزلتهم، والعدو لهم في الاجلال لمرتبتهم، وإلهامه سبحانه جميع القلوب إعلاء شأنهم، ورفع مكانهم، على تباين مذاهبهم وآرائهم، واختلاف نحلهم وأهوائهم.
فقد علم كل من سمع الاخبار، وتتبع الآثار، أن جميع المتغلبين عليهم، المظهرين لاستحقاق الامر دونهم، لم يعدلوا قط عن تبجيلهم، وإجلال قدرهم، ولا أنكروا فضلهم، وإن كان بعض أعدائهم قد بارز بعضهم بالعداوة لدواع دعتهم إلى ذلك.
ألا ترى أن المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام قد أظهروا من تقديمه وتعظيم ولديه الحسن والحسين عليهما السلام في زمان إمامتهم على الأمة، وكذلك الناكثون لبيعته لم يتمكنوا مع ذلك من إنكار فضله، ولا امتنعوا من الشهادة له بفضله، ولا فسقوه في فعله.
وكذلك معاوية - وإن كان قد أظهر عداوته، وبنى أكثر أموره على العناد - لم ينكر جميع حقوقه، ولا دفع عظيم منزلته في الدين، بل قفا أثر طلحة والزبير في التعلل بطلب دم عثمان، وكان يظهر القناعة منه بأن يقره