لما قتله تبرأ من قتله، وأحضر الشهود ليشهدوا بوفاته على السلامة وإن كان الامر على خلافه.
وكان من المأمون مع الرضا عليه السلام ما هو مشهور، وكذلك حال ابنه أبي جعفر عليه السلام على صغر سنه، وحلوكة لونه من التعظيم والمبالغة في رفع القدر، حتى أنه زوجه ابنته أم الفضل، ورفعه في المجلس على سائر بني العباس والقضاة.
وكذلك كان المتوكل يعظم علي بن محمد عليه السلام مع ظهور عداوته لأمير المؤمنين عليه السلام، ومقته له، وطعنه على آل أبي طالب.
وكذلك حال المعتمد مع أبي محمد عليه السلام في إكرامه والمبالغة فيه.
هذا، وهؤلاء الأئمة عليهم السلام في قبضة من عددناه من الملوك على الظاهر، وتحت طاعتهم، وقد اجتهدوا كل الاجتهاد في أن يعثروا على عيب يتعلقون به في الحط من منازلهم، وامعنوا في البحث عن أسرارهم وأحوالهم في خلواتهم لذلك فعجزوا عنه، فعلمنا أن تعظيمهم إياهم مع ظاهر عداوتهم لهم وشدة محبتهم للغض منهم، وإجماعهم على ضد مرادهم فيهم من التبجيل والاكرام تسخير من الله سبحانه لهم، ليدل بذلك على اختصاصهم منه - جلت قدرته - بالمعنى الذي يوجب طاعتهم على جميع الأنام، وما هذا إلا كالأمور غير المألوفة والأشياء الخارقة للعادة.
ويؤيد ما ذكرناه من تسخير الله سبحانه الخلق لتعظيمهم ما شاهدنا الطوائف المختلفة والفرق المتباينة في المذاهب والآراء أجمعوا على تعظيم قبورهم وفضل مشاهدهم، حتى أنهم يقصدونها من البلاد الشاسعة، ويلمون بها، ويتقربون إلى الله سبحانه بزيارتها، ويستنزلون عندها من الله الأرزاق، ويستفتحون الاغلاق، ويطلبون ببركتها الحاجات، ويستدفعون الملمات، وهذا هو المعجز الخارق للعادة، وإلا فما الحامل للفرقة المنحازة عن هذه