تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين - المحسن إبن كرامة - الصفحة ١٢٣
يحب ان يؤمن ولم يؤمن، ورووه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن من المفسرين، وقد بنيا من قبل أن اسلام أبي صحيح، وأجمعت العترة على ذلك، وليس في ظاهر الآية ما يدل على أنه نزل فيه، ومن عجيب رواياتهم قالوا:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره ايمان وحشي، ويحب ايمان أبي طالب، فنزل جبريل، فقال عن الله تعالى لرسوله: من تحب ايمانه لا يؤمن ومن تكره ايمانه يؤمن (1).
ونزل قوله: * (إنك لا تهدي من أحببت) * في أبي طالب، ونزل قوله: * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) * في وحشي قاتل حمزة، وهذا فاسد، لان النبي كان يحب ايمان جميع الخلق، فأبى اختصاص لأبي طالب في ذلك، ولا يجوز ان يكره ايمان أحد ولا يهنى بكفره، لان الرضا بالكفر كفر، وكراهة الايمان كفر، لا

(1) روى الشيخ الطبرسي في مجمع البيان مجلد 4 ص 258 في تفسير الآية: قيل نزل قوله إنك لا تهدي من أحببت في أبي طالب، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب اسلامه فنزلت هذه الآية، وكان يكره اسلام وحشي قاتل حمزة فنزل فيه: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الآية فلم يسلم أبو طالب واسلم وحشي وروى ذلك عن ابن عباس وغيره.
وفي هذا نظر كما ترى فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجوز ان يخالف الله سبحانه في إرادته كما لا يجوز ان يخالفه في أوامره ونواهيه، وإذا كان الله تعالى على ما زعم القوم لم يرد ايمان أبي طالب وأراد كفره وأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ايمانه فقد حصل غاية الخلاف بين إرادتي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمرسل فكأنه سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم تريد ايمانه ولا أريد ايمانه ولا أخلق فيه الايمان مع تكفله بصرتك وبذل مجهوده في اعانتك والذب عنك ومحبته لك ونعمته عليك، وتكره أنت ايمان وحشي لقتله عمك حمزة وانا أريد ايمانه وأخلق في قلبه الايمان.
وفي هذا ما فيه ذكرنا في سورة الأنعام ج 2 ص 297 ان أهل البيت عليهم السلام قد اجمعوا على أن أبا طالب مات مسلما وتظاهرت الروايات بذلك عنهم وأوردنا هناك طرفا من اشعاره الدالة على تصديقه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوحيده فإن استيفاء ذلك لا تتسع له الطوامير. وما روي من ذلك في كتب المغازي وغيرها أكثر من أن يحصى يكاشف فيها من كاشف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويناضل عنه ويصحح نبوته. وقال بعض الثقات ان قصائده في هذا المعنى تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه شعراء الدهر يبلغ قدر مجلد وأكثر من هذا ولا شك في أنه لم يختر تمام مجاهرة الأعداء استصلاحا لهم وحسن تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول إلى ما ألجأوه بعد موته.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 كلمة المركز 7
3 ترجمة المؤلف 9 مؤلفاته 11
4 التعريف بالكتاب 12
5 منهج التحقيق 14
6 مقدمة المؤلف 15
7 فصل في ذكر ما شهد بفضل أهل البيت 17
8 سورة البقرة 21
9 سورة آل عمران 28
10 سورة النساء 47
11 سورة المائدة 57
12 سورة الانعام 68
13 سورة الأعراف 71
14 سورة الأنفال 73
15 سورة التوبة 78
16 سورة يونس 91
17 سورة هود 91
18 سورة يوسف 92
19 سورة الرعد 93
20 سورة النحل 98
21 سورة سبحان (الاسراء) 99
22 سورة الكهف 106
23 سورة مريم 107
24 سورة طه 110
25 سورة الأنبياء 111
26 سورة الحج 112
27 سورة النور 114
28 سورة الشعراء 118
29 سورة النمل 122
30 سورة القصص 122
31 سورة العنكبوت 124
32 سورة الروم 129
33 سورة السجدة 131
34 سورة الأحزاب 133
35 سورة سبأ 141
36 سورة فاطر 142
37 سورة يس 143
38 سورة الصافات 145
39 سورة التنزيل (الزمر) 146
40 سورة فصلت 149
41 سورة حم عسق (الشورى) 150
42 سورة الزخرف 153
43 سورة الجاثية 157
44 سورة محمد 158
45 سورة الفتح 159
46 سورة الحجرات 163
47 سورة القمر 166
48 سورة الرحمن 166
49 سورة الواقعة 168
50 سورة المجادلة 169
51 سورة الحشر 170
52 سورة الممتحنة 171
53 سورة التحريم 173
54 سورة الحاقة 174
55 سورة المعارج 176
56 سورة المدثر 177
57 سورة هل أتى 178
58 سورة المطففين 180
59 سورة الضحى 181
60 سورة البينة 182
61 سورة العصر 183
62 سورة الكوثر 184