والخوارج فلذلك وجب نصرهما وحرم القعود عن ذلك إلا لعذر كالتباس الأمر مثلا بحيث لا يعرف القاعد المحق من المبطل أو بسبب إصرار الإمام على القعود مع أمره الناس بالاعتزال كما فعل عثمان رضي الله عنه فعندئذ يكون الاعتزال أفضل وهذا أفضل اعتذار لاعتزال من اعتزل عن عثمان وعلي رضي الله عنهما.
والدليل على أنه يجب نصر المحق في الفتنة أن النبي صلى الله عليه وسلم على قتال الخوارج ومدح الطائفة المقاتلة لهم وسماها (أولى الطائفتين بالحق) ومع أن قتال علي رضي الله عنه للخوارج كان في (فتنة) واختلاف؟! فليس كل (فتنة) يجب فيها الاعتزال.
فالفتنة أنواع كثيرة لكل نوع منها حكمه الشرعي الخاص. كذلك أمر الله تعالى بقتال (الفئة الباغية) وقد توجد الفئة الباغية أثناء (الفتنة)، وأمر الله عز وجل بمقاتلة المحاربين مع أنهم قد يظهرون في (فتنة) الناس واختلافهم، فليس كل فتنة يجب فيها الاعتزال، بل ينصر فيها المحق ضد المبطل إلا إذا لم يعرف المحق والمبطل فعندئذ يجب الاعتزال، ويجب الاعتزال كذلك عند عدم وجود الإمام الشرعي (إذا كان الناس فرقا يقتل بعضها بعضا بلا إمام شرعي) فعندئذ نعم يجب الاعتزال، وأسباب الاعتزال هذه لا توجد في عهد علي رضي الله عنه، فهو كان خليفة راشدا وبيعته صحيحة ومخالفوه مخطئون والأمر ظهرت أدلته فلا يجب الاعتزال بل ولا يجوز، ومن شك في قتال البغاة فلن يشك في قتال الخوارج ومع هذا فمن اعتزل قتال البغاة فقد استمر اعتزاله ولم يقاتل مع علي رضي الله عنه الخوارج مع حث النبي صلى الله عليه وسلم