الملاحظة العاشرة: وقال ص 88: (وأما خلافة علي فإن الصحابة بايعوا إثر غلبة المعارضين لعثمان على المدينة ولم يحظ بالإجماع بسبب معارضة أصحاب الجمل في البصرة ومعاوية في الشام ولكن أكثرية المسلمين بايعوه ولم ينكر أحد حين بيعته أحقيته بالخلافة).
أقول: قوله (لم يحظ بالإجماع) هي التي كدرت صفاء هذا القول فأهل الجمل كانوا من المبايعين لعلي رضي الله عنه ومن الذين كانوا يوصون ببيعة علي رضي الله عنه ثم ندموا كلهم على خروجهم ونكثهم فندم الزبير وندم طلحة وندمت عائشة رضي الله عنهم فذكرهم هنا بمثابة ذكر (الأنصار) في بيعة أبي بكر الصديق.. فيمكن لقائل أن يقول إن بيعة أبي بكر لم تحظ بالإجماع إذ عارض فيها الأنصار كلهم وعارض أكثر بني أمية وبني هاشم؟! فقائل هذا القول لم يذكر مقياس الحق والباطل، ولم يذكر رجوع هؤلاء إلى الحق ومبايعتهم لأبي بكر رضي الله عنه، كذلك الدكتور هنا لم يذكر نتيجة هذه (المعارضة) وهي قبولهم أخيرا بعلي رضي الله عنه خليفة وتبين لهم خطؤهم فيما ذهبوا إليه من النكث والخروج لم ان كان باجتهاد.. فأهل الجمل كانوا قد بايعوه أصلا ثم نكثوا ثم ندموا في آخر الأمر أما معاوية وأهل الشام فلم يبايعوا ولم يندموا وأصروا على الخروج وشق العصا وقد سبق مرارا أنه لا يشترط موافقتهم فهم تابعون ولا يحق لهم اختيار الخليفة ولا رفض بيعته مثلهم مثل سائر الناس في الولايات الأخرى والأمصار المختلفة.