رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٥٦
شخصه باسمه. إذ بدونه لا يمكن أن تحارب فيه المهدى المنتظر. لاحتمال أن يكون المهدى هو ولد آخر للإمام العسكري (ع) لعله ولد ولعله لم يولد بعد - فيما تحتمله السلطة - و هي ليس لها غرض معين الا ضد المهدى المنتظر على وجه التعيين.
مضافا إلى وضوح أن الاسم يكسب الفرد شخصيته القانونية والاجتماعية التي يمكن أن تعين ويشار إليها به. وأما مع الجهل به إلى، جانب الجهل بشكله أيضا، فيكتسب بذلك نحوا من الغموض وعدم التعيين في ذهن السلطات، فتحار عند البحث عنه، انها تبحث عن أي شخص على وجه التحديد. وهذا الغموض - على أي حال - يعطى المهدى المبحوث عنه رهبة في صدورهم، وتضفي هالة قدسية على أحاسيسهم، وشعورا بالعجز تجاهه. وفي ضعف في معنويات السلطة وخاصة عيونهم.
وطبقا لهذا التكليف الثاني.. سمعنا الإمام الهادي عليه السلام حين يبشر بحفيده المهدى (ع) يقول: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه. قال الراوي فقلت:
فكيف نذكره؟ قال: قولوا: الحجة من آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ونسمع عثمان به سعيد العمرى، وهو الوكيل الأول للحجة (ع) يقول لمن يسأل عن اسمه: إياك أن تبحث عن هذا (1). ويقول لاخر: نهيتم عن هذا (2). وفى حادثة مشابهة يقول ابنه الوكيل الثاني: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك. ويضيف: ولا أقول هذا من عندي، وليس لي أن أحلل وأحرم، ولكن عنه عليه السلام، يعنى الحجة المهدى (ع). ولكننا لا نجد نهيا عن التسمية واردا عن الإمام العسكري عليه السلام.
والذي أود إيضاحه في هذا الصدد، أن هناك احتمالا راجحا تؤكده الحوادث، وهو أن المراد من كتم الاسم كتم الشخص نفسه، وإخفاء ولادته عمن لا ينبغي أن يصل إليه الخبر. وعليه فهناك تكليف واحد بالكتمان متعلق بالولادة والاسم معا، باعتبارهما يعبران عن معنى أصيل واحد، وليس المراد بكتمان الاسم حرمة التصريح به مع غض النظر عن حرمة التصريح بولادته. بل المراد بالاسم هو شخص المسمى، ووجوب الكتمان راجع إلى أصل ولادته المحافظة عليه بشكل عام.
ومن ثم نرى أن من يضطلع ببيان ذلك هو عثمان بن سعيد دون الإمام العسكري عليه السلام. وذلك لما سنسمعه من أن السلطات بعد أن يئست من العثور على الوريث الشرعي للإمام العسكري، قررت الجزم بعدم وجوده أساسا، وتقسيم ميراث الامام بين الورثة الآخرين.
وبذلك أسقطت السلطة وجود الحجة المهدي عليه السلام من حساباتها وغضت النظر عنه نهائيا، وان كانت المخاوف تبقى تعتمل في نفسها على ما سنسمع. ومن المعلوم والحال هذه أن أي تصريح جديد باسم المهدى (ع) أو تلويح بشخصه أو تأكيد على ولادته، سوف يثير من جديد التفات السلطات وتجديدها للمطاردة

١ - انظر الاكمال المخطوط.
٢ - الغيبة ص ٢١٥.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»