لم نستبعد أن يبدو الصبي على ضعف عمره الحقيقي.. حتى على الموازين الطبية الطبيعية.
الأساس الثاني: ما ورد في بعض رواياتنا من أن نمو الامام المعصوم (ع) يكون عادة أسرع من غيره. فمن ذلك ما ورد عن الإمام العسكري (ع) نفسه يقول: إن أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشأون بخلاف ما ينشأ غيرهم. وان الصبي منا إذا كان أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة (1).
وممن عرضه عليه الإمام العسكري عليه السلام، رجل من أهل فارس تصدى الإمام عليه السلام ليتشرف بخدمته. فأذن له الامام بذلك، فكان مع الخدم يشترى لهم الحوائج من السوق. وبقى على هذه الحال حتى أصبح خاصا وارتفعت الكلفة بينه وبين الامام.. فكان يدخل الدار من دون استئذان إذا لم يكن فيها الا الرجال.
وبينما هو داخل عليه في يوم من الأيام، والرجال عنده، إذ سمع حركة في البيت - يعنى الغرفة -. وناداه الامام: مكانك لا تبرح.
يقول: فلم أجسر أخرج ولا أدخل. فخرجت على جارية معها شئ مغطى. ثم إن الإمام ناداه وأمره بالدخول فدخل الغرفة. فنادى الجارية فرجعت، فأمرها الامام أن تكشف ما معها.
فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه، قدره الراوي بسنتين. وقال الامام: هذا صاحبكم. ثم أمر الجارية فحملته فلم يره بعد ذلك حتى توفى الإمام العسكري أبو محمد صلوات الله عليه (2).
فترى أن هذا البواب بالرغم من ملازمته للدار ودخوله من دون استئذان أحيانا.. لم يعلم بولادة الإمام المهدي عليه السلام، ولم يحسن بتجدد أي أمر جديد في الدار.
واكتفى الإمام العسكري (ع) بعرضه عليه مرة واحدة، كما هو الشأن مع جملة من أصحابه و خاصته.
واليك هذا السيل الهادر لجملة من الأحاديث الشريفة المبشرة بالامام المهدى (عج).
1 - عن أبي سعيد الخدري قال: دخلت فاطمة على أبيها (ص) في مرضه وبكت وقالت: يا أبى، أخشى الضيعة من بعدك فقال: يا فاطمة، ان الله اطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك، فبعثه رسولا ثم اطلع ثانية، فاختار منهم بعلك فأمرني أن أزوجك منه فزوجتك منه، وهو أعظم المسلمين حلما وأكثرهم علما وأقدمهم اسلاما. انا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين، ولا يدركها أحد من الآخرين. نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك. وشهيدنا خير الشهداء وهم عم أبيك حمزة. ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك. ومنا مهدي هذه الأمة.