رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٥٢
عليهما السلام (1).
يحسن بنا، وقد توغلنا في تفاصيل ولادته الميمونة (عج) أن نعطي فكرة كافية عن أمه الراضية المرضية المجاهدة، كما وردت في التاريخ بشكل عام وفي مصادر الخاصة بشكل خاص. فقد كانت عليها السلام قبيل حملها بولدها المهدى (عج)، أمة مملوكة جليت بواسطة الفتح الاسلامي الذي كان جاريا على قدم وساق في تلك العصور، من بعض مدن الكفر إلى سامراء، ودخلت في ملكية بعض أفراد أسرة الإمام العسكري (ع)... وكانت تسمى في ذلك المجتمع بأسماء مختلفة، فهي ريحانة ونرجس وسوس وصقيل ويعود تعدد أسمائها إلى سبب مهم في حياة الإمام العسكري (ع)، حيث أنها عليها السلام عاشت تخطيطا خاصا في تبديل اسمها بين آونة وأخرى، ودعوتها بعدد أسماء في وقت واحد، أو أوقات مختلفة عاشت ذلك منذ دخلت في كنف هذه العائلة الكريمة، لأنها ستصبح أما للمهدي (عج) وسترى المطاردة والاضطهاد من قبل السلطان، وستعيش في السجن مدة من الزمن... اذن، فيجب القيام بهذا المخطط تجاهها، امعانا في الحذر، وزيادة في التوقي عليها وعلى وليدها (عج) ولأجل أن يختلط في ذهن السلطان أن صاحبة أي من هذه الأسماء هي المسجونة، وأي منها هي الحامل، وأي منها هي الوالدة، وهكذا...، حيث يكون المفهوم لدى السلطان كون الأسماء لنساء كثيرات، فيغفلون عن احتمال تعددها في شخص امرأة واحدة، وبذلك يضيع عليهم أمره (عج).
مهمة الإمام العسكري (ع) في الحفاظ على حياة المهدي (عج) وهناك مهمتان مترابطتان امام الإمام العسكري عليه السلام، تجاه وليده الجديد، تحتاج إلى تخطيط خاص، وحذر شديد ولباقة.
المهمة الأولى: إثبات وجود الإمام المهدي عليه السلام تجاه التاريخ وتجاه الأمة الاسلامية، وتجاه مواليه الذين يعتبرون المولود الجديد إمامهم الثاني عشر بحسب نص النبي (ص) حين قال: يكون بعدي إثنا عشر خليفة كلهم من قريش. فليس من الممكن ولا من المنطقي أن يبلغ الحذر والتوقي إلى إخفائه الكامل، بحيث يؤدى انطماس اسمه وإنكار وجوده. مع كونه عليه السلام الامام الثاني عشر لمواليه والقائد المذخور لدولة الحق.
على أنه لابد من إقامة الحجة في وجوده على الموالين خاصة وعلى المسلمين عامة، بحيث يكون هناك تواتر في الاخبار عن وجوده ورؤيته، يدحض به قول من يزعم عدم وجوده أو أنه ليس للإمام العسكري عليه السلام من ولد.
المهمة الثانية: حماية الإمام المهدي عليه السلام من السيف العباسي والمطاردة الحكومية، التي عرفنا مناشئها وتخطيط السلطان لها، وتجنيد كل قواها وعيونها من أجلها.

1 - ينابيع المودة للقندوزي الباب 65 ص 387.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»