رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٤٩
الإلهي، بما يحملون للبشرية من دعوة ة خير وإصلاح، ومبادئ هداية وسلام على هذه الأرض، ولقد شكل الأنبياء هذا الحظ والامتداد التأريخي المتواصل عبر مسيرة الأجيال.
قال تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (1).
ويمثل أئمة الهدى وعلماء الإسلام وأبناؤه، الامتداد الحركي والتواصل الفكري لخط الأنبياء ولم يكن لطف الله سبحانه ليغيب عن هذا الكوكب، حتى مع انقطاع النبوة: حيث أن منهج الأنبياء المتمثل في كتاب الله وسنة رسوله الكريم (ص)، ما زال حيا متدفقا بالحيوية والعطاء والهداية لبني البشر، وما زالت أمة من المؤمنين قائمة بالحق تدعو إلى الهدى والإصلاح متمسكة بالقرآن العظيم الذي أنزله رب العزة حيث قال تعالى:
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (2).
الا أن حركة هذه المسيرة بدأن تضعف، وبدأ التقهقر والتصدع في حركة الحضارة والدعوة والقيادة الاسلامية، وحرم الانسان من أبسط حقوقه، وبدأت الشرور الجاهلية والعصبية المقيتة القديمة تنشط، وأخذ الظلم والجور يعود ويسرى كالبرق في شتى بقاع المعمورة، وساد التنكر لمبادئ الايمان والصلاح، وصار حكام الجور هم الأعلون ومن تبعهم و تولاهم، فيما يهان المستضعفون وتداس القيم السماوية لتضحى تراثا باليا وتشيع الفاحشة ويعمل بها: الا أن كلمة الحق هي العليا، حيث ما زال ملايين من البشر يتطلعون إلى مصدر الحق والهدى والاصلاح، ويحدوهم الامل الكبير في الوعد الإلهي العظيم بتصفية بؤر الشر، ومنابع الفساد والظلم، وتحقيق الانقلاب الكبير والتغيير الشامل على يد مصلح البشرية، ومقيم سنن الأنبياء، الامام المهدى المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، فقد شاء الله أن يخرج من هذه الأمة مصلحا يتحمل مهمة الأنبياء في الدعوة إلى الدين القويم ومبادئ الهدى، والعمل بما جاء به الهادي الأمين محمد (ص)، وذلك وعد حق غير مكذوب نطق به القرآن الكريم، ووعدت به الكتب الإلهية المقدسة، رغم ما يبتغيه أعداء الله، فهو المصلح والأمل الكبير الذي سيحطم عروش الطغاة والظلمة، ويملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا.
وبين أيدينا باقة لا يستهان بها من آي الذكر الحكيم، تدلنا بشكل قاطع على ما أشار إليه العلي العظيم إلى ظهور المهدي، ذلك المصلح العظيم الذي يريث الأرض ومن عليها، تنقاد له الأمم والشعوب، ويكون خلاص البشرية على يديه المباركتين لكننا نبتدئ بولادته (عج) الميمونة والمباركة ثم نعرج على الظروف التي أحاطت بولادته ومن ثم نطوي ملابسات غيبته المباركة.
ولادته (ع) المباركة كان مولد الامام المهدى (عج) ليلة النصف من شعبان المعظم سنة خمس وخمسين

1 - فاطر: الآية 24.
2 - الحجر، 15.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»