لقد وقعت هذه الثورة الاسلامية الرائدة بقيادة الثائر العلوي الحسين بن علي أيام الإمام موسى الكاظم (ع)، ولقد كان وقعها عظيما على نفسه، ونتائجها ومردوداتها السياسية كبيرة على شخص الامام وكيان الأمة، فقد روع أهل البيت في هذه الكارثة ولاقوا صنوف الأذى والظلم والاضطهاد، وقد كان الإمام (ع) عالما بنتائجها، عارفا بمصير الثورة بما حفظه عن آبائه وأجداده من أخبار وروايات، الا أن الحسين أصر على موقفه، وقرر المضي بثورته، فلم يكن ليستوعب ويدرك رؤية الإمام موسى بن جعفر و موقفه، ولم يكن صبره يحتمل ما وقع على أهل هذا البيت (ع) من العنت والظلم والاضطهاد، وعند ما رأى الإمام موسى بن جعفر (ع) اصرار الحسين بن علي وقراره في المضي، نعاه وقال له قول المودع الذي لا يرجو لقاءه أبدا حين رآه عازما على المسير إلى مكة.
انك مقتول فأحد الضراب، فإن القوم فساق، يظهرون ايمانا ويضمرون نفاقا وشركا، فانا لله وانا إليه راجعون، وعند الله أحتسبكم من عصبة (1).
أسباب الثورة.
كان سبب خروج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: أن موسى الهادي (الخليفة العباسي) ولى المدينة إسحاق بن عيسى بن علي، فاستخلف عليها رجلا يعرف ب (عبد العزيز بن عبد الله العمرى) (2)، فحمل على الطالبيين وأساء إليهم، وأفرط في التحامل عليهم، وطالبهم بالعرض كل يوم (والعرض هو أن تقرأ قائمة بأسمائهم لمعرفة الموجود منهم من الغائب كما يفعل بالسجناء والعبيد)، وكانوا يعرضون في المقصورة، وأخذ كل واحد منهم بكفالة قرينة ونسيبه، فضمن الحسين بن علي، ويحيى بن عبد الله ابن الحسن، الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن، ووافى أوائل الحج، وقدم مع الشيعة نحو من سبعين رجلا، فنزلوا دار ابن أفلح بالبقيع وأقاموا بها، ولقوا حسينا وغيره، فبلغ ذلك العمرى فأنكره، وكان قد أخذ قبل ذلك الحسن بن محمد بن عبد الله، وابن جندب الهذلي الشاعر، ومولى لعمر بن الخطاب (3) وهم مجتمعون، فأشاع أنه وجدهم على شراب، فضرب الحسن ثمانين سوطا، وضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا، وضرب مولى عمر سبعة أسواط، وأمر بأن يدار بهم في المدينة، مكشفي الظهور