رأى الناس النبي (ص) يبكى بكوا، فلما انصرف قال: ما يبكيكم؟ قالوا: لما رأيناك تبكى بكينا، يا رسول الله. قال: نزل علي جبرئيل لما صليت الركعة الأولى فقال: يا محمد ان رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان وأجر الشهيد معه أجر شهيدين (1).
روى زيد بن علي بن الحسين أن رسول الله (ص) صلى في فخ وقال: يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين، وينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة، تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة (2).
وحينما توقف الإمام جعفر بن محمد الصادق في أرض فخ في إحدى سفراته من المدينة إلى مكة نزل فيها وصلى، ثم سأله النضر بن قرواش صاحب الجمال المكراة للسفر: جعلت فداك رأيتك قد صنعت شيئا، أفهو من مناسك الحج؟: قال: لا ولكن يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة (3).
وإذا كان وقع هذه المأساة عظيما على نفس رسول الله (ص)، ومروعا لأهل البيت (ع) الذين لم يشهدوا هذه الواقعة، فكيف بعميد أهل البيت وامام المسلمين موسى بن جعفر الكاظم (ع) الذي عاصر المأساة، وعايش المحنة وتحمل آثارها وتبعاتها السياسية والرسالية، تلك المأساة التي وصفها الإمام محمد الجواد (ع) حفيد الإمام الكاظم (ع) بقوله.
لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ (4).
لقد تحدث التاريخ عن أن موسى الهادي الخليفة العباسي الذي وقعت الثورة أيام خلافته، عكس آثار هذه الثورة العلوية ونتائجها على الإمام موسى (ع) ومن نجا من آل أبي طالب من مذابح بنى العباس المروعة، فتحملها الامام بقلبه الكبير وصبره المديد وعزمه الذي لا يلين.
وقع الثورة:
لقد أعلن الحسين بن علي الخير الثورة في شهر ذي العقدة عام 169 ه في المدينة المنورة من جوار قبر جده رسول الله (ص) ضد الحكم العباسي أيام الهادي بن المهدى، الا أن ثورته أخفقت وقتل في فخ على مقربة من مكة المكرمة.
ولعل هذه الثورة هي من أبرز ثورات أهل البيت وأكثرها لوعة وفجيعة، بعد ثورة كربلاء الشهادة التي قادها واستشهد فيها الامام السبط الحسين بن علي (ع)، فقد كان لهذه الثورة ولرجالها مقام عظيم في نفوس أهل البيت (ع)، وهي من الاحداث التاريخية الكبرى التي أخبر عنها رسول الله (ص) وأهل البيت (ع).