رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٠١
1 - دخل منصور بن حازم على الامام أبى عبد الله (الصادق) يطلب منه تعيين الامام من بعده، قائلا: بأبي أنت وأمي، ان الأنفس يغدا عليها ويراح، فإذا كان ذلك فمن؟
فقال أبو عبد الله (ع): إذا كان ذلك فهو صاحبكم، وضرب بيده على منكب أبى الحسن (ع) الأيمن - فيما أعلم - وهو يومئذ خماسي، وعبد الله بن جعفر جالس معنا (1).
2 - عن يزيد بن سليط الزيدي قال: لقينا أبا عبد الله الصادق (ع) في طريق مكة، ونحن جماعة، فقلن له: بأبي أنت وأمي، أنتم المطهرون، والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلى شيئا ألقيه إلى من يخلفني، فقال لي: نعم هؤلاء ولدى، وهذا سيدهم، وأشار إلى ابنه موسى (ع) (2).
كان عصر الإمام موسى بن جعفر (ع)، زاحرا بالتيارات والمذاهب الفلسفية والعقائدية، والاجتهادات الفقهية، ومدارس التفسير والرواية، وكانت تلك الفترة من أخطر الفترات التي عاشها المسلمون، فقد تفشى الإلحاد والزندقة، ونشأ الغلو، وكثرت الفرق الكلامية التي تحمل شتى الأفكار والآراء الاعتقادية، ودخلت علوم عديدة في استنباط الاحكام واستخرجها، كالمنطق والفلسفة والكلام وعلوم اللغة، كما وأدخل القياس والاستحسان والعمل بالرأي، وحابى بعض الفقهاء والقضاة الحكام باستنباطهم وقضائهم، ورويت في عهده الأحاديث المدسوسة والأخبار المزينة.
وعلى الرغم من حراجة هذا الظرف السياسي الذي مر على المسلمين، عامة، والإمام موسى بن جعفر خاصة، فضلا عن تضييق الحكام عليه (ع): الا أنه لم يترك مسؤوليته العلمية، و لم يتخل عن تصحيح المسار الاسلامي بكل ما حوى من معارف وعلوم واتجاهات، فتصدى هو و تلامذته لتيارات الالحاد والزندقة وقد ذكرت كتب الرجال وتراجم الرواة والمعنيين بالحديث أن أكثر من ثلاثمئة راو رووا عن الإمام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليهما.
معاناته (ع) في عهد العباسيين.
إن دراسة الفترة التاريخية التي عاشها الإمام الكاظم عليه السلام تمثل أهم مساحة في تاريخ بنى العباس، كما وإنها من الفترات الصعبة في حياة أهل البيت (ع).
تكتسب أهميتها من أهمية هذه الشخصية ودورها البارز في قيادة الأمة، ومن أهمية المرحلة التاريخية ذاتها، وطبيعة الحكام وحقيقة سياستهم الارهابية الغاشمة التي تنكرت لقيم الاسلام ومبادئه، فقد شملت هذه الفترة الزمنية العصيبة في تاريخ الاسلام وفي تاريخ أهل البيت (ع)، فترة من حياة المنصور وحياة المهدى والهادي و حياة الرشيد.

1 - الكافي للكليني ج 1 ص 309.
2 - البحار للمجلسي ج 48 ص 12، نقلا عن عيون الاخبار.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»