مكة ليحج ويبلغ رسالته، ويدعو الناس بدعوته مستثمرا موسم الحج وتوافد الحجيج، و معه نحو مئتي رجل من أهل بيته وأتباعه، فلما قربوا من مكة ووصلوا فخا (1)، ووادي بلدح تلقتهم جيوش العباسيين واشتبكوا معهم في معركة حامية يوم التروية - وقت صلاة الصبح. ونظرا لعدم تكافؤ الجيشين فقد سحق أصحاب الحسين. فجرح هو وانكسر جيشه القليل العدد ثم أعطي الأمان فقال: والله مالكم أمان، ولكنني أقبل منكم. فلما سلم نفسه بعد أن كسر سيفه، خانوا عهده ونقضوا أمانهم، فقتلوه صبرا.
وانتهت ثورته البطولية بفاجعة مروعة، وتضحية عظيمة استشهد فيها أكثر من مئة شهيد من أولئك الثوار الابطال. فقد ذكر المؤرخون أن الجند احتزت الرؤوس فكانت مئة و نيفا، ثم حملت وأسر الباقون.
وجئ بالرؤوس إلى الخليفة موسى الهادي والعباس وعندهما من ولد الحسن والحسين، فلم يسألا أحدا منهم الا الإمام موسى بن جعفر (ع). فقالا: هذا رأس حسين؟ قال: نعم، إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى والله مسلما صالحا صواما، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، ما كان في أهل بيته مثله.
وحملت الاسرى إلى الخليفة الهادي فأمر بقتلهم (2).
ولم يكتف القتلة بسفك الدم الحرام، والتمثيل بالشهداء، وقتل الاسرى، بل عمد العمرى إلى هدم الدور ومصادرة الأموال وحرق المزارع.
وقد ذكر المؤرخون. فلما بلغ العمرى الخبر وهو بالمدينة عمد إلى دار الحسين ودور أهله فحرقها وقبض أموالهم ونخلهم فجعلها في الصوافي المقبوضة (3).
وجاء في رواية المؤرخ الطبري. وثب على دار الحسين، ودور جماعة من أهل بيته و غيرهم ممن خرج مع الحسين فهدمها وحرق النخيل، وقبض ما لم يحرقه وجعله في الصوافي المقبوضة (4).
وهكذا يفعل الطغاة في كل عصر وجيل مع دعاة الهدى وطلائع الجهاد مندفعين