رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٥٨
لصالح عبد الله بن الزبير، الذي كان نفوذه قويا في مكة والمدينة، فقد قال عمرو بن سعيد ليزيد بن معاوية (وكان واليه في الحجاز)، وهو يصف له نفوذ عبد الله بن الزبير في الحجاز:.
إن جل أهل مكة وأهل المدينة قد كانوا مالوا إليه (أي لعبد الله بن الزبير)، و هووه وأعطوه الرضا، ودعا بعضهم بعضا سرا وعلانية (1).
وحينئذ فإن جهود الحركة سوف يستثمرها ابن الزبير لتعميق نفوذه، ويكون هو الرابح الوحيد فيها، رغم أنه لم يخسر شيئا على الإطلاق، ولهذا لم يشترك الإمام السجاد (ع) فيها.
دلائل عظمة آل البيت (ع):.
لقد أفاد الإمام السجاد (ع)، كثيرا من مظاهر التعاطف الجماهيري مع أهل البيت (ع):
نتيجة للسياسة التي مارسها ورسمها، من أجل إنجاح استراتيجية حركة الإسلام التاريخية في تلك المرحلة الحرجة، ويمكن لنا إيجاز ثلاثة أطر مهمة تبناها الإمام السجاد (ع) وهي:.
1 - العمل على توسيع القاعدة الشعبية المخلصة والموالية لأهل البيت (ع).
2 - إيجاد وتنشئة قيادات فكرية متميزة، تحمل الفكر الإسلامي الأصيل.
3 - العمل على رفع مستوى الوعي الإسلامي والانفتاح العملي بين قطاعات الأمة المسلمة، وقد نجحت الخطة التي وضعها الإمام (ع) على شتى الأصعدة، وما يلي بعض المصاديق العملية على ذلك:
قال ابن خلكان في ترجمته للشاعر الشهير الفرزدق: وتنسب إليه - للفرزدق - مكرمة ترجى له بها الجنة، وهي: إنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه، فطاف وجهد أن يصل الحجر ليستلمه، فلم يقدر عليه لكثرة الزحام، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس، ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك، إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) وكان من أحسن الناس وجها و أطيبهم أرجا فطاف البيت، فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم، فقال رجل من أهل الشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه (مخافة أن يرغب فيه أهل الشام) وكان الفرزدق حاضرا فقال أنا أعرفه، فقال الشامي:
من هذا يا أبا فراس؟ قال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم.
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم.
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا.
وليس قولك: من هذا بظائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم.
كلتا يديه غياث عم نفعهما * يستوكفان ولا يعروهما عدم.
سهل الخليقة لا تخشى بوادره * يزينه اثنان: حسن الخلق والشيم.
حمال أثقال أقوام إذا امتدحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم.
ما قال لا قط إلا في تشهده * لولا التشهد كانت لاءه نعم.

1 - الطبري ج 7 ص 3.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»