والله يا ابن الزبير، إنك ما علمت لمتجلبب جلابيب الفتنة، فتأزر بوصائل التيه، تتعاطى الذرى الشاهقة، والمعالي الباسقة، وما أنت من قريش في لباب جوهرها، ولا موفق حسبها (1).
وقال له معاوية بن أبي سفيان:.
أنت ثعلب رواغ، كلما خرجت من جحر انجحرت في آخر (2).
وكان أخوه عمرو بن الزبير يبغضه أشد البغض، وقد استعمله عمرو بن سعيد الأشدق على شرطته، لما كان بينه وبين أخيه عبد الله من البغضاء، فأرسل إلى نفر من أهل المدينة، فضربهم ضربا شديدا لهواهم في أخيه عبد الله، وقد طلب عمرو بن الزبير من عمرو بن سعيد أن يرسله إلى مكة لمحاربة أخيه عبد الله بن الزبير، وقال لعمرو بن سعيد في ذلك:.
لا توجه إليه رجلا أنكأ له مني (3).
موقف الإمام السجاد (ع) من ابن الزبير.
لقد تولى عبد الله بن الزبير مقاليد السلطة بعد وفاة يزيد بن معاوية في شطر من العالم الإسلامي، حيث بويع له بالخلافة وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق و خراسان (4)، فهل بايعه الإمام السجاد (ع) الذي كان يعيش في المدينة؟.
لم ترد نصوص تثبت بيعته لابن الزبير، إنما ورد حديث عبر فيه الإمام (ع) عن خوفه من فتنة ابن الزبير.
فعن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين (ع) قال:.
خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحايط، فاتكيت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في اتجاه وجهي، ثم قال: يا علي بن الحسين، مالي أراك كئيبا حزينا، أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، قال: قلت: ما على هذا أحزن، وإنه لكما تقول.
قال: فعلى الآخرة، فهو وعد صادق يحكم فيه ملك قاهر.
قال: قلت: ولا على هذا أحزن، وإنه لكما تقول)، قال: فعلام حزنك؟.
قلت: أتخوف من فتنة ابن الزبير، فضحك ثم قال يا علي بن الحسين، هل رأيت أحدا قط توكل على الله فلم يكفه؟
قلت: كلا. قال: يا علي بن الحسين، هل رأيت أحدا قط خاف الله فلم ينجه؟.
قلت: لا.
قال: يا علي بن الحسين، هل رأيت أحدا قط سأل الله فلم يعطه؟.
قلت: لا، ثم نظرت فإذا ليس قدامي شئ، فعجبت من ذلك، فإذا قائل أسمع صوته، ولا أرى شخصه يقول: يا علي بن الحسين هذا الخضر ناجاك (5).