وأي حرمة له انتهكتم؟! ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء (1)، سوداء فقماء، خرقاء شوهاء، كطلاع الأرض (2)، أو ملاء السماء، أفعجبتم أن مطرت السماء دما؟ ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يحفزه البدار (3)، ولا يخاف فوت الثار، وإن ربكم لبالمرصاد.
قال الراوي: فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته بالدموع، وهو يقول:
بأبي أنتم وأمي، كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، و نسلكم خير النسل، لا يخزى ولا يبزى (4).
وكان حذلم بن كثير من فصحاء العرب، قد أخذه العجب من فصاحة زينب وبلاغتها، و أخذته الدهشة من براعتها وشجاعتها الأدبية، حتى أنه لم يتمكن أن يشبهها إلا بأبيها سيد البلغاء والفصحاء، فقال: كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين.
وهذه الخطبة رواها كل من كتب في وقعة الطف أو في أحوال الحسين عليه السلام.
ورواها الجاحظ في كتاب (البيان والتبيين) عن خزيمة الأسدي قال: ورأيت نساء الكوفة يومئذ قياما يندبن متهتكات الجيوب.
ورواها أيضا أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور في (بلاغات النساء)، وأبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي في (الجزء الثاني من كتابه مقتل الحسين عليه السلام)، و شيخ الطائفة في