رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٦٩
السلام لأختها زينب: قد وجب علينا حق هذا لحسن صحبته لنا، فهل لك أن تصليه؟ قالت:
والله ما لنا ما نصله به إلا أن نعطيه حلينا، قالت فاطمة: فأخذت سواري ودملجي و سوار أختي ودملجها، فبعثنا به إليه واعتذرنا من قلتها.
انقطاعها (ع) إلى الله رغم المصيبة:.
روي عن الإمام السجاد عليه السلام أنه قال: إن عمتي زينب مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تركت نوافلها الليلية.
وروي أن الحسين عليه السلام لما ودع أخته زينب عليها السلام وداعه الأخير قال لها: يا أختاه، لا تنسيني في نافلة الليل.
وفي مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري: قالت فاطمة بنت الحسين عليهما السلام:
وأما عمتي زينب، فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة - أي: العاشرة من المحرم - في محرابها تستغيث إلى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنة.
وروى بعض المتتبعين عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال: إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال، لأنها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام على الأطفال، لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم والليلة.
أقول: فإذا تأمل المتأمل إلى ما كانت عليه هذه الطاهرة من العبادة لله تعالى والانقطاع إليه لم يشك في عصمتها صلوات الله عليها، وأنها كانت من القانتات اللواتي وقفن حركاتهن وسكناتهن وأنفاسهن للباري تعالى، وبذلك حصلن على المنازل الرفيعة والدرجات العالية، التي حاكت برفعتها منازل المرسلين ودرجات الأوصياء عليهم الصلاة والسلام.
كراماتها (ع) لدى الله تعالى:.
قال الفاضل في الأسرار: لما قتل الحسين روحي له الفداء، أمر عمر بن سعد لعنه الله أن تطأ الخيل عليه غدا، فسمعت فضة جارية الحسين عليه السلام فحكت لزينب أخته فقالت:
ما الحيلة؟ قالت زينب: إن سفينة (1) عبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجاه الأسد

1 - سفينة: مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، اختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا، تجدها في الإصابة لابن حجر، والذي صححه أهل التحقيق أن اسمه مهران، وكان أصله من فارس، فاشترته أم سلمة رضوان الله عليها، ثم أعتقته واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال ابن حجر: وقد روى عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم، وعن أم سلمة وعلي، وعنه ولده عبد الرحمن وعمر وسالم بن عبد الله بن عمر وأبو ريحانة وغيرهم.
قال حماد بن سلمة: عن سعيد بن جهمان، عن سفينة: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله و سلم في سفر، فكان بعض القوم إذا أعيى ألقى علي ثوبه، حتى حملت من ذلك شيئا كثيرا، فقال: (ما أنت إلا سفينة)، وكان يسكن بطن نخلة.
وأما قصته مع الأسد: إنه سافر بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في البحر، فانكسرت السفينة التي كان فيها بأهلها، فخرج سفينة إلى جزيرة من جزائر البحر يمشي وحده، فلما مشى ساعة لقي أسدا، فقال له: أيها الأسد أنا سفينة عبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل الأسد نحوه وأشار إليه: إركب، فركب على ظهره، فأسرع في المشي حتى أتى به بلده، فرآه الناس على ظهر الأسد، فأنزله الأسد ورجع.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»