رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٥٩
عم البرية بالإحسان فانقشعت * عنها الغياهب والإملاق والعدم.
إذا رأته قريش قال قائلها: * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم.
يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم.
بكفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم.
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم.
ألله شرفه قدما وعظمه * جرى بذاك له في لوحه القلم.
أي الخلائق ليست في رقابهم * لأولية هذا أوله نعم.
من يشكر الله يشكر أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم.
فلما سمع هشام هذه القصيدة، غضب وحبس الفرزدق، وأنفذ له الإمام زين العابدين (ع) اثني عشر ألف درهم، فردها، وقال: مدحته لله تعالى لا للعطاء، فقال زين العابدين (ع): إنا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده، فقبلها (1).
زينب الكبرى (ع)، بنت الإمام أمير المؤمنين (ع):.
ولادتها: لما ولدت زينب (ع) جاءت بها أمها الزهراء (س) إلى أبيها أمير المؤمنين (ع) وقالت: سم هذه المولودة، فقال: ما كنت لأسبق رسول الله (ص) - وكان في سفر له - و لما جاء النبي (ص) وسأله علي (ع) عن اسمها، فقال: ما كنت لأسبق ربي تعالى، فهبط الأمين جبرئيل يقرأ على النبي السلام من الله، وقال له: سم هذه المولودة زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم، ثم أخبره بما يجري عليها من المصائب فبكى النبي (ص) و قال: من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين (ع).
كناها وألقابها: تكنى بأم كلثوم، كما تكنى بأم الحسن أيضا، ويقال لها زينب الكبرى، للفرق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها، كما أنها تلقب بالصديقة الصغرى، للفرق بينها وبين أمها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (س).
وتلقب بالعقيلة، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة الطالبيين. وهي أول بنت لفاطمة (س) في أشهر الروايات، ومما يدل على أنها أكبر بنات فاطمة: أن الرواة في أيام الاضطهاد الأموي كانوا إذا أرادوا الرواية عن علي (ع) يقول الرجل منهم: هذه الرواية عن أبي زينب، كما نقل ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج، ولم يكن يعرف الإمام بهذه الكنية عند أعدائه.
كانت الولادة الميمونة لهذه الطاهرة العقيلة زينب (س) في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة، وقيل في شعبان في السنة السادسة للهجرة، وقيل في السنة الرابعة، وقيل في أواخر شهر رمضان المبارك في السنة التاسعة للهجرة.
والراجح، هو أن ولادة زينب كانت في الخامسة من الهجرة، وقد روى صاحب ناسخ التواريخ في كتابه: إن زينب أقبلت عند وفاة أمها وهي تجر رداءها وتنادي: يا أبتاه يا رسول الله، الآن عرفنا الحرمان من النظر إليك، وعليها برقعة تجر ذيلها متجلببة برداء عليها

1 - القصيدة طويلة، وقد جاء ذكرها في الكثير من المصادر التاريخية والأدبية، أنظر وفيات الأعيان لابن خلكان ج 6 ص 96، والإمام زين العابدين للمقرم ص 395.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»