التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٨٥
فقط هو جوهر الثورة التي قام بها ابن الزبير وأكثر سماتها بروزا.
وإذا كانت قوات الخلافة الأموية قد تمكنت من حسم الموقف سريعا في موقعة الحرة التي انتهت بفشل ثورة المدينة، فان الموقف كان أشد حراجة في مكة قاعدة ابن الزبير التي أخذت تتوسع بعدئذ لتشمل الحجاز كله، ثم العراق ومصر. ذلك أن هذه القوات فقدت في الطريق قائدها الصلف متأثرا بشدة المرض وتقدم السن. فخلفه في القيادة بناء على وصية من يزيد أحد معاونيه والمتفانين في خدمة النظام الأموي هو الحصين بن نمير السكوني (1).
وصل الحصين بن نمير بقواته إلى مكة وضرب حولها الحصار، وأثبت في صلافته انه تلميذ متفوق لمسلم بن عقبة. أما ابن الزبير فقد تحصن في الكعبة وسد منافذ المدينة، وكان قد قوي مركزه حينئذ بما انضم اليه من الحلفاء كبعض الهاربين من موقعة الحرة، وجماعة الخوارج النجدية (2) والأزارقة (3) فضلا عن المختار الثقفي الذي بدأ يبرز كشخصية قوية أثر التطورات السياسية التي رافقت كربلاء وتمخضت عنها. وازداد مركز ابن الزبير

(١) ابن قتيبة: الإمامة السياسة: ٢ / ١٠.
(٢) الشهرستاني: الملك والنحل ١ / ١٦٥.
(٣) ابن كثير: البداية والنهاية ٨ / 239.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»