التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٨٩
وفي الكوفة، التي عاشت تحت وطأة التقصير والخذلان في أعقاب مصر الحسين، كان الموقف يزداد غليانا، خاصة وأن الأسلوب الأموي التقليدي القائم على الضغط والارهاب، نحو هذه المدينة المعروفة بميولها العلوية المتطرفة، لم يتغير ولم يطرأ عليه تعديل. فقد استمر التنكيل الأموي يتصاعد بعد كربلاء، وكان الأداة التنفيذية له، نائب عبيد الله بن زياد في الكوفة، عمرو بن حريث. ومن البديهي القول ان هذه المدينة، كقاعدة أساسية للحركة الشيعية، اختلفت في موقفها من النظام الأموي عن البصرة، فإذا كان موقف هذه الأخيرة قد امتزج ببعض التحفظ قبل أن تعلن قرارها الحاسم، فان الكوفة لم تكن بحاجة إلى التردد، فقد اتخذت قرارها سريعا وهو طرد عاملها عمرو بن حريث ممثل النظام الأموي فيها، وتولية عامر بن مسعود مكانه، ثم كتب أهلها إلى ابن الزبير بشأن ذلك فأقر ابن مسعود في منصبه (1)، وبذلك خرج العراق بكامله من السيادة الأموية وانضم إلى ابن الزبير.
اما في دمشق فان وضع الخلافة الأموية ازداد تحرجا بتنازل خليفة يزيد، معاوية الثاني، عقب ظروف غامضة، مسديا - دونما قصد - خدمة كبيرة لخلافة ابن الزبير.

(1) الطبري: 7 / 30.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 94 95 96 ... » »»