التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٨١
الهجوم على عناصر البيت الأموي في المدينة، وكانوا مجتمعين بدورهم في منزل كبيرهم مروان بن الحكم، فطردوهم من المدينة كما طردوا عاملها الأموي، وبذلك غدت عاصمة الاسلام الأولى خارج اطار السيادة الأموية.
ولم يقف يزيد الذي اصطبغت يداه بدم الحسين، موقف المتفرج على احداث المدينة، وانما كان متصلبا، ومصمما على ضرب الثورة بمنتهى الشدة والقسوة، ويبدو ذلك واضحا من خلال شخصية القائد العسكري الذي أوكل اليه مهمة القضاء على ثورة الحجاز، وهو مسلم بن عقبة الذي يصفه المؤرخون، بأنه أحد جبابرة العرب (1) لصلافته وقسوته. ولم يخيب مسلم أمل الخليفة به، فسرعان ما وصل بجيشه إلى المدينة وضرب حولها الحصار. ولكن أهلها جابهوا الموقف بشجاعة وحفروا خندقا (2) حول مدينتهم استعدادا لحرب طويلة وقاسية. غير أن استعدادات المدينة لم تكن كافية للوقوف أمام جيش متفوق في العدد والتنظيم والقيادة، فانتهت أحلامها الاستقلالية بالسقوط في موقعة الحرة (63 هجري / 683 م) وبانتهاك مسلم حرمتها بإباحتها لجنوده أياما ثلاثة: يقتلون الناس ويأخذون الأموال (3).

(١) البلاذري: انساب الاشراف ٤ / ٤٣.
(٢) اليعقوبي: تاريخ اليعقوبي ٢ / 250.
(3) الطبري: 7 / 258.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»