التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٨٢
وهكذا كان تحرك المدينة، استنكارا مباشرا لمقتل الحسين ورفضا للسيادة الأموية التي حادت برأيهم عن الشرعية وانحرفت عن روح الاسلام. ولم يكن اخضاع المدينة معناه القضاء على الثورة في الحجاز، لان رايتها انتقلت إلى مكة التي شهدت تحركا أكثر عنفا وضراوة.
وفي مكة بلغ التحرك بعدا أشد خطورة، باعلان عبد الله بن الزبير ثورته ورفضه الاعتراف بخلافة يزيد. وقد جاء توقيت هذه الثورة بعد سقوط الحسين في كربلاء، ليضعها في اطار التحرك العام الذي شمل المنطقة بكاملها استنكارا للمأساة ورد فعل مباشر لها. والحق انه برغم ما كان لمقتل الحسين من تأثيرات على هذه الثورة، الا اننا لا نستطيع أن نربطها بثورة الحسين والثورات الأخرى التي كانت امتدادا لها. ذلك أن ابن الزبير كان يعد نفسه للثورة بمعزل عن الحسين وقبل أن يتحرك هذا الأخير الذي وقف عائقا أمام طموحه إلى السلطة، لان المكانة العظيمة التي احتلها الحسين في نفوس الجماهير، لم تدع أي مجال للمنافسة. ونتيجة لذلك كان على ابن الزبير أن يتسلح بالصبر وأن يتصرف بذكاء إلى أن يتبلور الموقف وتتوضح الأمور وهو في نفس الوقت لا يألو جهدا في دفع الحسين للاستجابة إلى نداء الكوفيين في الذهاب إلى العراق واعلان الثورة من هناك على خلافة يزيد.
على اننا نخطئ إذا انزلقنا في تصورنا لمدى تأثير
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»