الحصين في الذهاب إلى دمشق، قد فوت عليه فرصة عظيمة من فرص الوصول إلى الخلافة.
فقد شغر هذا المنصب بوفاة يزيد، واحتدم الصراع عليه بين أفراد الأسرة الحاكمة، والعاصمة الأموية في غمرة ذلك تبحث عن رجلها القوي دون جدوى لفترة غير قصيرة.
ولا ريب ان غياب يزيد المفاجئ، قد أحدث بلبلة في مختلف أقاليم الدولة الأموية، وأخذ التحرك فيها يتصاعد ويحمل بعدا جديدا، ستحدد على ضوئه موقفها من مسألة الخلافة بصورة عامة. وكان من الطبيعي في غمرة هذا الفراغ السياسي وهذا الجو المشحون بالتناقضات، أن يتبارى الطامحون إلى السلطة في استغلال المواقف وانتهاز الفرض لاستقطاب أكبر عدد من الناس حول قضيتهم. وكان العراق، الذي ما قبل يوما السيادة الأموية الا مرغما، المسرح الذي تمثلت فيه صورة الرفض لهذه السيادة وما تمخضت عنه من أحداث عنف واضطرابات متواصلة. فالبصرة التي عرف عنها بعض التحفظ في مواقفها العدائية من الحكم الأموي كان عليها هذه المرة أن تأخذ قرارها بسرعة، أما الاعتراف بخلافة ابن الزبير، الرجل الذي اتجهت اليه الانظار حينئذ كأقوى شخصية في العالم الاسلامي، واما المضي في خضوعها للسيادة الأموية التي يمثلها عبيد الله بن زياد.
وقد اغتنم هذا الأخير