التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٦١
ولكن بأسلوبه المرن الذي عرف عنه. فشغل الكوفيين بحرب الخوارج ودفع بصفوة زعمائهم إلى أتونها، ليصرفهم عن مقارعة السلطة وإثارة المشاكل ضدها. وقد لاقت سياسته نجاحا نسبيا في هذا المجال، ولكن التجرؤ على مهاجمة الخليفة الراشدي لم يستسغه الكوفيون ووجدوا فيه إهانة صريحة لهم وانتهاكا لقيمهم ومعتقداتهم. وكان أن اصطدم المغيرة بعدد من زعمائهم كحجر بن عدي أحد أبرز رجالات قبيلة كندة الشهيرة وأول من ثار بشدة على سياسة التجريح بالخليفة السابق، وصعصعة بن صوحان من بني عبد القيس (1) الذي نفي بأمر من المغيرة - بعد أن ضاق بمعارضته - ومات في منفاه (2).
ورغم ما أظهره المغيرة من براعة في حكم مدينة تعج بالمتطرفين من أعداء النظام الذي يمثله، فان ذلك لم يعجب معاوية، الذي أخذ عليه تساهله مع العلويين وبشكل خاص موقفه إزاء حجر بن عدي (3). ويحلل المغيرة هذا الموقف أمام منتقديه من أقاربه وامام معاوية (4) بأنه تقدم في السن ولا يجب أن يبتدأ عمله في الكوفة بسفك دماء رجالها وقتل زعمائها (5).

(١) الطبري: ٦ / ١٠٦.
(٢) ثابت الراوي: العراق في العصر الأموي ١٤٠.
(٣) الدينوري: الاخبار الطوال ٢٣٦.
(٤) فلهوزن: الخوارج والشيعة 149 - 150.
(5) الطبري: 6 / 142.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»