التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٦٣
والامر الذي يثير الاستغراب بالنسبة لزياد، ذلك التحول المذهل من نقيض إلى آخر.
فبعد ان كان من أشد المؤيدين لعلي - الذي اختاره، لكفاءاته الإدارية والسياسية، حاكما على فارس دون الالتفات إلى تصنيفه الاجتماعي - أصبح من أشد المتعصبين تطرفا ضد العلويين، ومنسجما إلى أبعد حدود الانسجام مع معاوية في أساليبه الانتهازية (1).
ففي نفس السنة (2) التي جمعت فيها الكوفة لزياد افتتح نشاطه المعادي للشيعة بالقبض على حجر بن عدي (3) وارساله إلى دمشق حيث جرت له تصفية جسدية مع عدد من رفاقه على يد معاوية (4).
لم يمر استشهاد حجر - دفاعا عن مبادئه والتزاما بمواقفه التي رفض أية مهادنة على حسابها - دون أن يثير موجات شديدة من الغضب في صفوف الشيعة، خاصة في الكوفة. ولم تستطع قبضة زيادة الحديدية اسكات المعارضة التي أخذت في التبلور حينئذ. وعلى عكس ذلك

(1) إبراهيم الأبياري: معاوية 244.
(2) 51 للهجرة.
(3) محمد جواد فضل الله: حجر بن عدي الكندي، 121 وما بعدها.
(4) تاريخ خليفة: 1 / 251.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»