باعلان بيعتهم دون أن يأخذ منهم تصريحا بذلك نهاية المطاف بالنسبة للجدل الذي أثير حول ولاية العهد. ولم يكن أمام زعماء الحجاز الا التسلح بالصبر والانضمام إلى فريق الساخطين الذي أخذ حجمه يزداد يوما بعد آخر، بانتظار الظروف الملائمة للتعبير بالوسائل السلبية عن الرفض المطلق لنظام الوراثة في الحكم الذي ابتدعه معاوية.
الأحوال السياسية داخل العراق لنعد إلى الوراء قليلا، إلى بدايات التحرك الشيعي في العراق بعد استسلام هذا الأخير إلى معاوية. وهو استسلام لم يكن في جوهره أكثر من استجابة للامر الواقع واعتراف اكراهي بالخلافة الأموية. فقد كانت هذه التغييرات السياسية تحمل في صميمها، الكارثة للعراقيين الذين التزموا مصيريا بالقضية العلوية ووقفوا إلى جانب علي الذي جعل من عراقهم مركز الحكم في الاسلام، بما يعنيه ذلك من أهمية سياسية واقتصادية وما يعكسه من شعور بالتفوق، أصبح الآن أكثر وضوحا من قبل.
وإذ ينقلب الموقف وتتحطم الأحلام وتنهار المكاسب، كان لا بد من تقويم لما جرى ووضع الأمور في نصابها. وفي غمرة ذلك وجد العراقيون أنفسهم يتحملون وزر هذا المصير الذي آلوا اليه، ويتتبعون بأسى الصورة القاتمة