التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٦٠
لمستقبلهم السياسي في ظل السيادة الأموية. ولم يكن هنالك أدنى ريب في أن أية مقارنة بين النظام السابق والنظام الجديد ليست في بال على الاطلاق. فمعاوية ما كاد يستتب له الامر في العراق، حتى انهارت تلك الصورة الزائفة التي اقترنت بها شخصيته، القائمة على الحنكة والدهاء.. فإذا به في العراق انسانا آخرا ونموذجا مختلفا.
وكان معاوية يعرف جيدا أن أقلية ضئيلة فقط بايعته ربما على قناعة أو سعيا وراء مصلحة خاصة. أما الغالبية فقد بايعته مكرهة وتحت التهديد. وكان يعرف أيضا أن هذه الفئة الرافضة بمختلف فصائلها ستنقلب عليه، إن لم يكن اليوم فغدا.
أخذت ملامح السياسة الجديدة للخليفة الأموي، القائمة على التحدي والاستفزاز والمبادرة بالعنف، تتبلور بالنسبة للعراق وتوحي بأن أحداثا خطيرة سيشهدها هذا الاقليم. فقد أرسل معاوية أحد البارزين في نظامه وهو المغيرة بن شعبة، واليا على الكوفة ومعه صلاحيات مطلقة، وتوجيهات بشتم علي من فوق منبر المسجد، ومراقبة تحركات زعماء الشيعة وملاحقة المتحمسين منهم للقضية العلوية (1). ولقد نفذ المغيرة باخلاص تعليمات سيده،

(١) فلهوزن: الخوارج والشيعة 149.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»