على أن ولاية العهد رغم ما أثارته من استهجان في أوساط المسلمين، فقد تمكن معاوية بواسطة أجهزته من أخذ البيعة ليزيد بغير صعوبة فيما عدا إقليمين كان يعرف هو سلفا موقفهما وهما: العراق والحجاز. الأول لرفضه الخلافة الأموية أساسا والتزامه بقضايا مختلفة تماما، تحركها عوامل سياسية وإقليمية واضحة. والثاني كانت لديه نفس الاعتبارات تقريبا مع فارق واحد يعطي له أهمية خاصة بالنسبة لمعاوية. فهو مهد الاسلام ومركز العاصمة الأولى للخلافة وملتقى كبار رجالات الاسلام الذين تمتعوا بالاحترام والتأييد الشعبي الواسع.
وإذا كان العراق الذي افتقر حينئذ إلى القيادات الفعلية، قد أرغم بمعظمه على البيعة تحت وطأة السلطة الحديدية التي كان على رأسها زياد بن أبيه، فان الحجاز كان له موقفا أشد صلابة عندما رفض ثلاثة من زعمائه الكبار البيعة ليزيد وهم: الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير (1).
كان هؤلاء - وهم جميعا أبناء صحابيين كبار، تولى اثنان منهم (عمر وعلي) الخلافة والثالث (الزبير) نازع عليا عليها وقتل في معركة الجمل - يحظون بمكانة عالية