التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٥٣
وتحت تأثير هذه الظروف المأساوية المؤلمة، ولما آل اليه وضع الجيش العراقي، وفي غمرة هذا الجو المشحون بالتشاؤم في إمكانية الصمود والامل بالنصر، استجاب الحسن أخيرا وهو مرغم لعروض معاوية من أجل الصلح بعد أن أبدى هذا الأخير استعداده للموافقة على جميع ما اشترط عليه (1).
أثارت قضية الحسن ولا تزال الكثير من الجدل. فمن مبالغ متطرف في تقدير مواقفه واجلالها، إلى منتقد ظالم اكتفى بالنظرة السطحية إلى مجريات الاحداث وتغاضى عن كل الايجابيات. وبالنتيجة كانت شخصية الحسن عرضة لتقويم خاطئ وغير منصف. والحق أنه وجدت هناك أسباب لا ينبغي لأحد تجاهلها في هذا المجال لأنه كان لها الدور المؤثر في عملية الصراع الذي دار بين الحسن ومعاوية أو بين العراق والشام باتخاذه بعدا إقليميا بدأ في صفين وتركز بعد تنازل الحسن ثم تعمق في كربلاء وتحول إلى صراع تقليدي على مدى بعيد من الزمن. ومن هذه الأسباب:
1 - فقدان القيادات الشعبية المخلصة التي برزت

(1) الطبري: 6 / 93.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»