التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٤٥
الشامية، حيث كان وقف القتال انتصارا للشاميين دفع عنهم الهزيمة وجعل من زعيمهم معاوية في مركز الند والمنافسة لعلي في الخلافة.
وكما أرغم علي على القبول بمبدأ التحكيم، أرغم على اختيار ممثله في المفاوضات وهو أبو موسى الأشعري. بينما كان ممثل معاوية بطل عملية رفع المصاحف عمرو بن العاص، الذي أوصاه معاوية بقوله: ان أهل العراق أكرهوا عليا على أبي موسى، وأنا وأهل الشام راضون بك، وقد ضم إليك رجل طويل اللسان قصير الرأي، فأخر الحز، وطبق المفصل ولا تلقه برأيك كله (1). والتقى الحكمان بأذرح في دومة الجندل (37 هجري / 659 م) ووضح منذ بدء المفاوضات انعدام التكافؤ بينهما، وما لبث الاجتماع ان ارفض دون نتيجة، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه قبل التحكيم مع فارق واحد ان مركز علي أصبح أكثر تضعضعا حيث خرج من معسكره مجموعة من اثني عشر ألفا محتجة على مبدأ التحكيم، رافعة شعار لا حكم الا لله. وهي المجموعة التي عرفت بالخوارج وكان لثوراتها فيما بعد تأثيرا كبيرا في التاريخ الاسلامي. ولقد أحدث تمرد هؤلاء ارباكا في جيش علي اضطر هذا

(1) المسعودي: مروج الذهب 2 / 392.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 48 49 50 51 ... » »»