التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٣٤
مصركم وهلاككم ومن خلفكم. يا قومنا انهم ان يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا، فارجعوا واجعلوا أيدينا وأيديكم اليوم واحدة على عدونا وعدوكم، فإنه متى اجتمعت كلمتنا ثقلنا على عدونا فلا تستعيبوا نصحي ولا تخالفوا أمري، واقبلوا حين تقرأون كتابي هذا أقبل بكم إلى طاعته وأدبر بكم عن معصيته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (1).
ان أحدا لا يستطيع أن يرتاب في موقف أمير الكوفة الزبيري نحو التوابين أو يشكك في مدى اخلاصه حين دعاهم إلى التريث والتراجع، حتى أن سليمان نفسه لم يجد في نصيحة الأمير الا الصدق والاخلاص. ولكن المسألة خرجت عن حدود النصيحة وتعدت اطار المنطق، فالتوابون حينئذ كانوا أشبه بمركبة أفلت زمامها وانجرفت في الوادي السحيق، إلى درجة استحال معها أن تتوقف أو تخفف بعض اندفاعها.. فقد كانوا معبئين لسنوات خمس مضت بشحنات متراكمة من العواطف السخية، بحيث انها خلقت منهم شخصيات مغامرة تطبعت بروح الفداء واستهوتها التضحية. وفي كل الحالات كان

(1) الفتوح لابن الأعثم الكوفي (مخطوطة) 260 - نسخة اسطنبول.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»