التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٣٧
وانطلاقا من هذا المبدأ رفض سليمان دعوة أمير الكوفة إلى التراجع برغم ما فيها من اخلاص وتودد. وكان قد وصل إلى مكان يقال له (هيت) (1) ومن هناك أجابه برسالة لا تخلو من استحسان ظاهر لموقفه المسؤول وسلامة نواياه: أما بعد فقد قرأنا كتابك أيها الأمير، وفهمنا ما نويت، فنعم أخو العشيرة أنت ما علمناك في المشهد بالمغيب، غير انا سمعنا الله تعالى يقول في كتابه وقوله الحق (ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به فذلك هو الفوز العظيم) (2). وأعلمك أيها الأمير ان القوم قد استبشروا ببيعهم الذي بايعوه وقد تابوا اليه من عظيم ذنوبهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (3).
أدرك أمير الكوفة عبث ندائه إلى التوابين بالتراجع، وتأكد له أن القوم سائرون إلى أقدارهم بعزيمة ثابتة لملاقاة

(١) الطبري: ٧ / ٧٢.
(٢) القرآن الكريم: التوبة 111.
(3) الفتوح لابن الأعثم الكوفي 260. نسخة اسطنبول (مخطوطة).
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»